وكتاب آخر :
واجتمع طائفة من أصحاب علي عليهالسلام فقالوا له : اكتب إلى معاوية وإلى من قبله من قومك (من قريش) بكتاب تدعوهم فيه إليك ، وتأمرهم بترك ما هم فيه من الخطأ ، فإن الحجّة بذلك تزداد عليهم عظما! فكتب إليه وإليهم بعد البسملة :
«من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى معاوية وإلى من قبله من قريش. سلام عليكم ، فإني أحمد الله إليكم الذي لا إله إلّا هو ، أما بعد ، فإنّ لله عبادا آمنوا بالتنزيل وعرفوا التأويل ، وفقهوا في الدين ، وبيّن الله فضلهم في القرآن الحكيم. وأنتم في ذلك الزمان أعداء لرسول الله صلىاللهعليهوآله تكذّبون بالكتاب ، مجمعون على حرب المسلمين ، من ثقفتم منهم حبستموه أو عذّبتموه أو قتلتموه! حتّى أراد الله إعزاز دينه وإظهار رسوله ، ودخلت العرب في هذا الدين إما رغبة وإما رهبة ، على حين فاز أهل السبق بسبقهم ، وفاز المهاجرون الأولون بفضلهم. فلا ينبغي لمن ليست له مثل سوابقهم في الدين ولا فضائلهم في الإسلام أن ينازعهم الأمر الذي هم أصله وأولى به ، فيحوب بظلم ، ولا ينبغي لمن كان له عقل أن يجهل قدره ولا أن يعدو طوره ، ولا أن يشقي نفسه بالتماس ما ليس له.
ثمّ إنّ أولى الناس بأمر هذه الامة ـ قديما وحديثا ـ أقربها من رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأعلمها بالكتاب ، وأفقهها في الدين ، وأوّلها إسلاما ، وأفضلها جهادا ، وأشدّها بما تحمّله الرعيّة من امورها اضطلاعا. فاتّقوا الله الذي إليه ترجعون (وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)(١).
__________________
ـ وبتفصيل أطول بكثير نقل مثله سليم بن قيس في كتابه ٢ : ٧٤٨ ـ ٧٧٦ ـ ٢٨ صفحة! من دون الذيل بشأن ابن عثمان.
(١) سورة البقرة : ٤٢.