والله لو لا رجائي عند لقائهم ـ لو قد حمّ لقاؤهم ـ لقرّبت ركابي ثمّ لشخصت عنكم فلا أطلبكم ، ما اختلف جنوب وشمال ، فو الله إنّ فراقكم لراحة للنفس والبدن!
فلمّا سمع بذلك جارية بن قدامة السعدي التميمي قام فقال له : يا أمير المؤمنين ، لا أعدمنا الله نفسك! ولا أرانا فراقك! أنّا لهؤلاء القوم ، فسيّرني إليهم.
فقال له الإمام : فتجهّز ، فإنّك ـ ما علمت ـ ميمون النقيبة (حسن النية صالح العشيرة)!
وقام إليه : وهب بن مسعود الخثعمي (وكان لا يبارزه أحد في الجاهلية إلّا قتله) فقال :
يا أمير المؤمنين ، وأنا أنتدب إليهم ، فقال له : فانتدب ، بارك الله فيك! ثمّ نزل (١).
ابن قدامة لابن أبي أرطاة :
ثمّ دعا الإمام عليهالسلام جارية بن قدامة وانتدب معه ألف أو ألفان ، فأمره أن يسير إلى البصرة فيضمّ إليه مثلهم (فلعلّه كان من الكوفة في ألف وانضمّ إليه ألف من البصرة فكانوا ألفين) فشخص جارية ، وخرج الإمام معه يشايعه ، فلمّا ودّعه قال له : اتّق الله الذي إليه نصير ، ولا تحتقر مسلما ولا معاهدا ، ولا تغصبنّ مالا ولا ولدا ، ولا دابّة وإن حفيت وترجّلت! وصلّ الصلاة لوقتها (٢).
__________________
(١) الغارات ٢ : ٦٢٤ ـ ٦٢٧ ، ونحوه في اليعقوبي ٢ : ١٩٨ ، وأنساب الأشراف ٢ : ٣٥١ ـ ٣٥٨.
(٢) الغارات ٢ : ٦٢٣ ـ ٦٢٤ عن الكلبي عن أبي مخنف. وخطبة الإمام في الإرشاد ١ : ٢٧٢.