وخطاب وعتاب :
وإذ أصرّ الناس على الموادعة والصلح قال الإمام عليهالسلام : إنّ هؤلاء القوم لم يكونوا ليفيئوا إلى الحقّ ، ولا ليجيبوا إلى كلمة السواء حتّى يرموا بالمناسير تتبعها العساكر ، وحتّى يرجموا بالكتائب تقفوها الجلائب ، وحتّى يجرّ ببلادهم الخميس يتلوه الخميس ، وحتّى يدعو الخيل في نواحي أرضهم وبأحناء مساربهم ومسارحهم ، وحتّى تشنّ عليهم الغارات من كلّ فجّ ، وحتّى يلقاهم قوم صبر لا يزيدهم هلاك من هلك من قتالهم وموتاهم في سبيل الله إلّا جدّا في طاعة الله وحرصا على لقاء الله.
ولقد كنّا مع رسول الله صلىاللهعليهوآله يقتل آباؤنا وأبناؤنا وإخواننا وأعمامنا ، ما يزيدنا ذلك إلّا إيمانا وتسليما ومضيّا على أمضّ الألم ، وجدّا على جهاد العدو ، والاستقلال بمبارزة الأقران. ولقد كان الرجل منّا والآخر من عدوّنا يتصاولان تصاول الفحلين ، ويتخالسان أنفسهما أيّهما يسقي صاحبه كأس المنون ، فمرّة لنا من عدوّنا ومرّة لعدوّنا منّا ، فلما رآنا الله صبرا صدقا أنزل بعدوّنا الكبت وأنزل علينا النصر ولعمري لو كنّا نأتي مثل الذي أتيتم ، ما قام الدين ولا عزّ الإسلام!
ثمّ قال لهم : وايم الله لتحلبنّها دما! فاحفظوا ما أقول لكم (١).
ثمّ إنّ الناس قاموا لقتلاهم يدفنونهم (٢) وقد أصيب من أهل العراق في صفين خمسة وعشرون ألفا ، ومن أهل الشام خمسة وأربعون ألفا (٣).
__________________
(١) الإرشاد للمفيد ١ : ٢٦٧ ـ ٢٦٨ والموقعية من المصدر التالي. وفي كتاب سليم بن قيس ٢ : ٦٩٦ ، الحديث ١٥ : أن ذلك كان قبل صفين! ولكنه تحريف غير ملائم ، وتخريجه : ١٥. وفي وقعة صفين : ٥٢٠ ، وفي نهج البلاغة خ ٥٦.
(٢) وقعة صفين : ٥٢٠ ـ ٥٢١.
(٣) وقعة صفين : ٥٥٨ ، عن تميم بن حذلم الناجي ، ومثله في تاريخ خليفة : ١١٧ ـ ١١٨ ـ مسندا عن الصحابي عبد الرحمن بن أبزى. وفي آخر : عدّوا بالقصب. وكذلك في أنساب الأشراف ٢ : ٣٢٢ ، ومروج الذهب ٢ : ٣٩٤ عن أبي مخنف وغيره.