وتغيّر وجه معاوية وقال لي : ما هذا؟ كفّ عن كلامك؟ فلا تستطيع أن تخدع (!) أهل الشام عن الطلب بدم عثمان ، فإنه قتل مظلوما في شهر حرام في حرم رسول الله عند صاحبك ، وهو الذي أغراهم به حتى قتلوه ، وهم اليوم عنده أعوانه وأنصاره ويده ورجله! وما مثل عثمان من يهدر دمه!
فتنادى حوشب وذو الكلاع ومعاوية بن خديج قالوا له : يا معاوية ، لننصرنّك حتى يحصل مرادك أو نقتل عن آخرنا!
فقمت وقلت شعرا :
معاوي ؛ لله من خلقه |
|
عباد قلوبهم قاسية |
وقلبك من شرّ تلك القلوب |
|
وليس المطيعة كالعاصية |
دع ابن خديج ودع حوشبا |
|
وذا كلع ، واقبل العافية |
فصاح بي معاوية : أجئت رسولا أو منفرا؟!
فخرج الأصبغ وسار إلى العراق (١).
وفرّ ابن عمر إلى معاوية :
مرّ الخبر عن عبيد الله بن عمر وأنه قتل الهرمزان ، فطلب عليّ من عثمان قصاصه به ، ففرّ من المدينة إلى الكوفة ، وكفاه مئونته عثمان في الكوفة. فلما قدم الإمام إلى الكوفة فرّ منه إلى معاوية ، فلما قدم عليه قال له : يا ابن أخي ، إن لك اسم أبيك ، فانظر بملء عينيك وتكلم بكلّ فيك ، فأنت المأمون المصدّق! فاصعد المنبر واشتم عليا واشهد عليه أنه قتل عثمان!
__________________
(١) تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي : ٨٣ ، ٨٤.