فقال له ابن عمر : أيها الأمير ، أما شتمي له فإنّه عليّ بن أبي طالب وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم ، فما عسى أن أقول في حسبه ، وهو الشجاع المطرق وأيامه ما قد عرفت ، ولكنّي الزمه دم عثمان (١).
فكأنّه طمع في أخيه عبد الله فكتب إليه : «أما بعد فإنه مهما غابت عنّا الأمور فلن يغيب عنّا أن عليا قتل عثمان ، والدّليل على ذلك مكان قتلته منه ، وإنما نطلب بدمه حتى يدفعوا إلينا قتلته فنقتلهم بكتاب الله! فإن دفعهم عليّ إلينا كففنا عنه وجعلناها على ما جعلها عليه عمر بن الخطّاب : شورى بين المسلمين ، فلسنا نطلب الخلافة! فأعينونا على أمرنا هذا وانهضوا من ناحيتكم ، فإنه إذا اجتمعت أيدينا وأيديكم على أمر واحد هاب عليّ ما هو فيه» (٢).
وكتب إليه : «أما بعد ، فإنه لم يكن أحد من قريش أحبّ إليّ أن تجتمع عليه الامة بعد قتل عثمان منك! ولكنّي ذكرت خذلك إياه وطعنك على أنصاره فتغيّرت لك! ثمّ هوّن عليّ ذلك خلافك على عليّ فمحا عنك بعض ما كان منك! فأعنّا على حقّ هذا الخليفة المظلوم! فإني لست اريد الإمارة عليك ولكنّي اريدها لك! فإن أبيت كانت شورى بين المسلمين» يطمعه فيها بهذا.
فأجابه ابن عمر : «أما بعد ، فإن الرأي الذي أطمعك فيّ هو الذي صيّرك إلى ما صيّرك إليه : أني تركت عليا في المهاجرين والأنصار ، وطلحة والزبير وعائشة أمّ المؤمنين واتّبعتك! أما زعمك أني طعنت على عليّ ، فلعمري ما أنا كعليّ في الإيمان والهجرة ومكانه من رسول الله ونكايته في المشركين ، ولكن حدث أمر لم يكن لي فيه عهد من رسول الله ، ففزعت فيه إلى الوقوف وقلت : إن كان هدى ففضل تركته ، وإن كان ضلالة فشرّ نجوت منه ، فأغن عنّا نفسك» (٣).
__________________
(١) وقعة صفين : ٨٢ ، ٨٣.
(٢) وقعة صفين : ٦٣.
(٣) وقعة صفين : ٧٢.