غارة بسر بن أبي أرطاة :
مرّ في مقدمة خبر سابق : أن كان في سبى بني فزارة على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله صبيّ صغير يسمّى عبد الله بن مسعدة ، فوهبه النبيّ لابنته فاطمة عليهاالسلام ثمّ كان عند علي عليهالسلام ، وخرج جنديا ضمن جنود فتوح الشام حتّى أفضى أمره إلى معاوية فصار من أشدّ الناس على علي عليهالسلام ، فوجّهه معاوية سنة (٣٩ ه) لجباية الصدقة ممّن في حكم الإمام عليهالسلام ، فوجّه إليه الإمام المسيّب بن نجبة الفزاري فأخرجه (١) فكان من صغار الصحابة ، وعاش حتّى عهد عبد الملك بن مروان ، وفي عهده حدّث ليزيد بن جابر الأزدي قال :
لمّا دخلت سنة أربعين شاع في الشام بين الناس وتذاكروا : أنّ أهل العراق قد اختلفت أهواؤهم ووقعت الفرقة بينهم حتّى أنّ عليّا عليهالسلام يستنفرهم فلا ينفرون معه. فاتّفقت مع نفر من أهل الشام وقمنا إلى الوليد بن عقبة فقلنا له : إنّ الناس لا يشكّون في اختلاف الناس في العراق على علي عليهالسلام فادخل إلى صاحبك (معاوية) واسأله ليسر بنا إليهم قبل أن يصلح لصاحبهم منهم ما قد فسد عليه من أمرهم وقبل أن يجتمعوا من تفرّقهم.
فدخل عليه فخبّره بمجيئنا إليه ومقالتنا له ، فأذن لنا ، فدخلنا عليه فقال لنا : ما هذا الخبر الذي جاءني الوليد به عنكم؟ فقلنا له : هذا خبر سائر في الناس ، فشمّر للحرب وناهض الأعداء واهتبل الفرصة واغتنم الغرّة ، فإنّك لا تدري
__________________
ـ طاعة علي عليهالسلام ليفادي بهم أولئك النفر ، فتوجّه الحارث إلى بلدة دارا وفيها جمع من بني تغلب فأخذ منهم سبعة إلى معاوية ، فكتب معاوية إلى علي عليهالسلام ليفاديه بهم فسيّرهم إلى معاوية ، وأطلق معاوية هؤلاء السبعة من بني تغلب ـ ٣ : ١٥٢ ط. ١ ، وعنه في هامش الغارات ٢ : ٥٠٦ ، الحديث ٤.
(١) الغارات ٢ : ٤١٨ ـ ٤١٩ ، الحديث ٣ عن الإصابة.