زياد أميرا على الكوفة :
دخل زياد الكوفة وصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : إنّ هذا الأمر أتاني وأنا بالبصرة ، فأردت أن أشخص إليكم في ألفين من شرطة البصرة (كذا) ثمّ ذكرت أنكم أهل حقّ! فأتيتكم في أهلي ... فحصبوه حتّى أمسكوا! فدعا خاصّته ، وأمر فوضع له كرسيّ على باب المسجد (وسدّ سائر الأبواب) ثمّ أمر أن يخرجوا أربعة أربعة! فيحلفون له أنهم لم يحصبوه ، فمن لم يحلف منهم عزله وحبسه ، فكانوا ثمانين أو ثلاثين رجلا! فأمر بهم فقطعوا أيديهم في المكان! ثمّ أمر فبنوا له المقصورة للمحراب كما فعل معاوية.
وأتاه عمارة بن عقبة بن معيط الأموي الذي كان قد بقي بالكوفة جاسوسا لمعاوية ، ومعه يزيد بن رويم الشيباني وعمرو بن حريث المخزومي ، فأخبره الأوّلان : أن «شيعة أبي تراب» يجتمعون إلى عمرو بن الحمق الخزاعي! فقال الثالث المخزومي : ما يدعوك إلى رفع تقرير فيما لا تتيقّنه ولا تدري عاقبته! بل ما كان (عمرو بن الحمق) أكثر إقبالا على ما ينفعه منه اليوم! فأمرهم زياد أن يقوموا إليه ويقولوا له عنه : ما هذه الزرافات التي تجتمع عندك؟! من أرادك أو أردت كلامه ففي المسجد. ثمّ قال : ولو علمت أن مخّ ساقه يسيل من بغضي فلا اهيجه حتّى يخرج عليّ (١).
وكان من بقايا خوارج النهروان بالبصرة : زحّاف الطائي وقريب الايادي وكانا ابني خالة ، وكأنّهم تجرّءوا بعد خروج زياد منها إلى الكوفة أن يخرجوا بها في شهر رمضان سنة (٤٩ ه) ومعهم سبعون رجلا من بني يشكر من همدان ، فأمر زياد خليفته سمرة بالاشتداد عليهم ، واشتد سمرة بالبصرة حتّى أنّه لما
__________________
(١) تاريخ الطبري ٥ : ٢٣٥ ـ ٢٣٦.