أيّها القوم ، إنّي نذير لكم أن تصبحوا صرعى بأهضام هذا الوادي ، على غير بيّنة من ربّكم ، ولا سلطان مبين معكم ، قد طوّحت بكم الدار واحتلبكم المقدار.
وقد كنت نهيتكم عن هذه الحكومة فأبيتم عليّ إباء المخالفين المنابذين ، حتّى صرفت رأيي إلى هواكم ، وأنتم معاشر أخفّاء إلهام سفهاء الأحلام ، فلم آت لا أبا لكم ، بجرا (نكرا) ولا أردت لكم ضرّا (١).
وخطب قيس وأبو أيوب :
ورأى الإمام عليهالسلام أن يطالبهم بالقتلة منهم فإن رضوا ودفعوهم إليه يتركهم لحرب الشام ، فبعث إليهم قائد مقدّمته قيس بن سعد الأنصاري يقول لهم عنه : ادفعوا إلينا قتلة إخواننا منكم نقتلهم بهم ، ثمّ أنا تارككم وكافّ عنكم حتّى ألقى أهل الشام ، فلعلّ الله يقلّب قلوبكم ويردّكم إلى خير ممّا أنتم عليه من أمركم. فقالوا : كلّنا قتلتهم ، وكلّنا يستحلّ دماءهم ودماءكم! فقال لهم قيس :
عباد الله أخرجوا إلينا طلبتنا منكم وادخلوا في هذا الأمر الذي خرجتم منه ، وعودوا بنا إلى قتال عدوّنا وعدوّكم ، فإنّكم ركبتم عظيما من الأمر! تشهدون علينا بالشرك والشرك ظلم عظيم ، وتسفكون دماء المسلمين وتعدّونهم مشركين!
فأجابه عبد الله بن شجرة السلمي قال : لسنا نتابعكم حتّى تأتونا بمثل عمر!
__________________
(١) نقل صدرها المعتزلي الشافعي في شرح النهج ٢ : ٢٨٣ عن أمالي محمد بن حبيب ، أكمل بها الخطبة ٣٦ من نهج البلاغة ، وفيه من : نذير لكم.