فألزموه ، وألزموا السواد الأعظم فإنّ يد الله مع الجماعة ، وإياكم والفرقة ، فإنّ الشاذّ من الناس للشيطان كما أن الشاذّ من الغنم للذئب (١).
ألا من دعا إلى هذا الشعار (لا حكم إلّا لله) فاقتلوه ولو كان تحت عمامتي هذه! فإنّما حكّم الحكمان ليحييا ما أحيا القرآن ويميتا ما أمات القرآن ، وإحياؤه : الاجتماع عليه وإماتته : الافتراق عنه. فإن جرّنا القرآن إليهم اتّبعناهم وإن جرّهم إلينا اتّبعونا! وإنّما اجتمع رأي ملئكم على اختيار رجلين أخذنا عليهما أن لا يتعدّيا القرآن فتاها عنه وتركا الحقّ وهما يبصرانه ، وكان الجور هواهما فمضيا عليه. وقد سبق استثناؤنا عليهما ـ في الحكومة بالعدل والصمد للحق ـ سوء رأيهما وجور حكمهما (٢).
فما تنقمون منّي؟ وأنا أوّل من آمن بالله ورسوله.
فقالوا : كذلك كنت ولكنّك حكّمت أبا موسى في دين الله!
فقال عليهالسلام : إنّما حكّمت القرآن ، ولو لا أنّي غلبت على أمري وخولفت في رأيي لما رضيت أن تضع الحرب أوزارها بيني وبين أهل حرب الله حتّى أعلي كلمة الله وأنصر دين الله ولو كره الكافرون والجاهلون (٣).
وخطبهم فقال عليهالسلام : نحن أهل بيت النبوّة ، وموضع الرسالة ومختلف الملائكة ، وعنصر الرحمة ، ومعدن العلم والحكمة. نحن أفق الحجاز ، بنا يلحق البطيء وإلينا يرجع التائب.
__________________
(١) إنّما عنى به هنا الخوارج فإنّهم خرجوا وشذّوا عن جماعة السواد الأعظم مع الإمام عليهالسلام ، وليس المراد به كلّ افتراق عن كلّ سواد أعظم ، كيف وقد قال الله : (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) سورة سبأ : ١٣.
(٢) نهج البلاغة خ ١٢٧ ، ومصادرها في المعجم المفهرس : ١٣٨٧ وآخرها مرّ عن الطبري ، عن أبي مخنف.
(٣) كتاب التوحيد للصدوق : ٢٢٥ الحديث ٦ بسنده عن الأصبغ بن نباتة.