سبحانه ، فالرأي القبول منهم والتنفيس عنهم؟ فقلت لكم : هذا أمر ظاهره إيمان وباطنه عدوان ، أوّله رحمة وآخره ندامة ، فأقيموا على شأنكم وألزموا طريقتكم ، وعضّوا على الجهاد بنواجذكم ، ولا تلتفتوا إلى ناعق نعق إن اجيب أضلّ وإن ترك ذل (ولكني) رأيتكم أعطيتموها ، والله لئن أبيتها ما وجبت عليّ فريضتها ولا حمّلني الله ذنبها ، وو الله إذ جئتها إني للمحقّ الذي يتّبع ، وإنّ الكتاب لمعي ، ما فارقته مذ صحبته.
ولكنّا إنّما أصبحنا نقاتل إخواننا في الإسلام على ما دخل فيه من الزيغ والاعوجاج والشبهة والتأويل ، فإذا طمعنا في خصلة يلمّ الله به شعثنا ونتدانى بها إلى البقية فيما بيننا ، رغبنا فيها وأمسكنا عمّا سواها (١).
فإن أبيتم إلّا أن تزعموا أنّي أخطأت وضللت ، فلم تضلّلون عامّة أمّة محمد صلىاللهعليهوآله بضلالي وتأخذونهم بخطئي وتكفّرونهم بذنوبي؟! سيوفكم على عواتقكم تضعونها مواضع البرء والسقم ، وتخلطون من أذنب بمن لم يذنب! وقد علمتم أنّ رسول الله رجم الزاني المحصن ثمّ صلّى عليه ثمّ ورّثه أهله ، وقتل القاتل وورّث ميراثه أهله ، وقطع يد السارق ، وجلد الزاني غير المحصن ثمّ قسم عليهما من الفيء ، ونكا المسلمات ، فأخذهم رسول الله صلىاللهعليهوآله بذنوبهم ، وأقام حقّ الله فيهم ولم يمنعهم سهمهم من الإسلام ، ولم يخرج أسماءهم من بين أهله.
ثمّ أنتم شرار الناس ومن رمى به الشيطان مراميه وضرب به تيهه (تخرجونهم من الإسلام)!
وسيهلك فيّ صنفان : محبّ مفرط يذهب به الحبّ إلى غير الحقّ ، ومبغض مفرّط يذهب به البغض إلى غير الحقّ ، وخير الناس فيّ حالا : النمط الأوسط
__________________
(١) نهج البلاغة خ ١٢٢.