وخطبة معاوية :
وكأنّ معاوية أراد أن يعمّي أمر الأشعث على الناس فقال : «يا أهل الشام ، ما أنتم أحقّ بالجزع على قتلاكم من أهل العراق على قتلاهم ، فو الله ما ذو الكلاع فيكم بأعظم من عمار بن ياسر فيهم ، ولا حوشب فيكم بأعظم من هاشم فيهم ، وما عبيد الله بن عمر فيكم بأعظم من ابن بديل فيهم ، وما الرجال إلّا أشباه ، وما التمحيص إلّا من عند الله ، فأبشروا فإن الله قد قتل من القوم ثلاثة : قتل عمّار بن ياسر وهو كان فتاهم ، وقتل هاشما وكان جمرتهم ، وقتل ابن بديل وهو فاعل الأفاعيل. وبقي : الأشعث والأشتر وعديّ بن حاتم ، فأما الأشعث فحما مصره فحماه مصره ، وأما الأشتر وعديّ فغضبا (لاشتراكهما) في الفتنة ، فالله قاتلهما غدا إن شاء الله» (١) وبذلك عمّى أمر الأشعث على الناس أنه ليس متأثرا منه.
فضيحة بسر بعد عمرو :
ورأى معاوية شدّة وطأة الإمام عليهالسلام في القتال ، وكان حوله أخوه عتبة والوليد بن عقبة وبسر بن أبي أرطاة العامري ، فقال معاتبا : تبّا لهذه الرجال وقبحا! أما فيهم من يقتل هذا مبارزة أو غيلة أو في اختلاط الفيلق وثوران النقع؟!
فصارحه الوليد فقال : ابرز إليه أنت فإنّك أولى الناس بمبارزته!
فقال معاوية : والله لقد دعاني إلى البراز حتّى استحييت من قريش! وإني والله لا أبرز إليه ؛ ما جعل العسكر بين يدي الرئيس إلّا وقاية له!
فقال عتبة : الهوا عن هذا ، كأنكم لم تسمعوا نداءه ، فقد علمتم أنه قتل حريثا وفضح عمرا ، ولا أرى أحدا يتحكّك به إلّا قتله!
__________________
(١) وقعة صفين : ٤٥٥.