«فاصبروا حتّى تردوا عليّ الحوض» قال : فافعلوا ما أمركم به عساكم تلاقونه غدا عند الحوض كما أخبركم! ولم يعطهم شيئا!
نقله المعتزلي في شرحه وعلّق عليه يقول : وهذا الخبر هو الذي يكفّر به كثير من أصحابنا (المعتزلة) معاوية بالاستهزاء به (١).
وكما دخل عليه والي عليّ عليهالسلام على مكة ، دخل عليه والي علي على المدينة أبو أيوب الأنصاري ، وشكا إليه دينا عليه ، فلم يرفع رأسه إليه وجفاه! فقال أبو أيوب : صدق رسول الله : إنكم سترون بعدي أثرة فعليكم بالصبر! فقال معاوية : فأنا أوّل من أصدّقه : صدق رسول الله! فقال أبو أيوب : أجرأة على الله ورسوله؟! فو الله لا أسألك شيئا أبدا ولا اكلمك أبدا ولا يأويني وإياك سقف بيت أبدا (٢) ولعلّه كان أوّل من دخل ونقل له ذلك فكان أوّل من صدّقه في ذلك!
معاوية وسعد في المدينة :
وكان سعد بن أبي وقاص الزهري قد اعتزل القتال ، ونرى أوّل لقاء له بمعاوية هذه السنة في المدينة : دخل عليه فسأله معاوية : ما لك لم تقاتل عليّا؟! قال : مرّت بي ريح مظلمة فأنخت راحلتي حتّى انجلت عنّي فعرفت الطريق فسرت!
فقال معاوية : ولكن في كتاب الله : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ)(٣) فو الله ما كنت مع الباغية على العادلة ولا مع العادلة على الباغية!
__________________
(١) شرح النهج للمعتزلي ٦ : ٣٢.
(٢) الغدير ١٠ : ٢٨٣ عن ابن عساكر.
(٣) الحجرات : ٩.