ـ يا معشر قريش ـ وأحبّ إلى الله ورسوله وإلى «أهل بيته» منكم! ثمّ لم يدع آية نزلت في عليّ عليهالسلام إلّا ذكرها.
فعند ذلك غضب معاوية وأمر فكتب كاتبه نسخة إلى عمّاله : ألا برئت الذمّة ممّن روى حديثا في مناقب علي بن أبي طالب أو فضائل أهل بيته! وأمر فنادى مناديه بها في المدينة ، وقام الخطباء في كلّ كورة وعلى كلّ المنابر بلعن عليّ عليهالسلام والبراءة منه والوقيعة فيه وفي أهل بيته واللعنة لهم (١).
وزاره أبو قتادة الأنصاري الذي كان واليا لعليّ عليهالسلام على مكة ، فقال له معاوية : يا أبا قتادة ، تلقّاني الناس كلّهم غيركم يا معشر الأنصار ، فما منعكم؟ قال : لم يكن معنا دواب! قال معاوية : فأين النوق النواضح؟ يعيّرهم بحملهم المياه! فأجابه أبو قتادة : عقرناها في طلبك وطلب أبيك يوم بدر! فقال معاوية : نعم يا أبا قتادة (ثمّ ما ذا؟) فقال : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال لنا : «ستلقون بعدي أثرة» فقال معاوية : فما أمركم به عند ذلك؟ قال : أمرنا بالصبر. قال : فاصبروا حتّى تلقوه! وكان حسّان بن ثابت قد مات فلما بلغ هذا إلى ابنه عبد الرحمن قال :
ألا أبلغ معاوية بن صخر |
|
أمير المؤمنين نبا كلامي |
فإنا صابرون ومنظروكم |
|
إلى يوم التغابن والخصام (٢) |
ثمّ جمع النعمان بن بشير بشرا من الأنصار وصار بهم إلى هاوية معاوية فأقرّوا له بفقرهم! واستعطفوه بذكر الحديث النبويّ لهم : «ستلقون بعدي أثرة» وقالوا : لقد لقيناها! فقال لهم معاوية : فما قال لكم؟ قالوا : قال لنا :
__________________
(١) كتاب سليم بن قيس ٢ : ٧٧٧ ـ ٧٨٠ ، الحديث ٢٦. وانظر مروج الذهب ٣ : ١٧ ، وخبرا عن الرضا عليهالسلام بشأن قيس بن سعد وعبادته وشجاعته. وتخريجه في ٣ : ٩٨٨.
(٢) تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٢٤١ ، وانظر الغدير ١٠ : ٢٨٢ عن الاستيعاب وابن عساكر.