ابن عباس مبعوثا إليهم :
مرّ الخبر آنفا أن أوائل الخوارج في حروراء الكوفة قدّموا عبد الله بن الكوّاء اليشكريّ ليصلّي بهم.
ولذا جاء في الخبر عن الصادق عليهالسلام قال : بعث أمير المؤمنين عليهالسلام عبد الله بن العباس إلى ابن الكوّاء وأصحابه ، وعليه قميص رقيق وحلّة ، فلما نظروا إليه قالوا له : يا ابن عباس : أنت خيرنا في أنفسنا وأنت تلبس هذا اللباس؟!
فقال لهم : هذا أول ما أخاصمكم فيه : (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ)(١) وقال الله عزوجل : (خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ)(٢)(٣).
وفي خبر آخر عنه عليهالسلام قال : لبس أفضل ثيابه وتطيّب بأطيب طيبه وركب أفضل مراكبه ثمّ خرج إليهم يواقفهم ، فقالوا له : أتيتنا في لباس الجبابرة ومراكبهم! فتلا الآية ثمّ قال : فالبس وتجمّل فإن الله جميل يحبّ الجمال ، وليكن من حلال (٤).
وذلك لأنه رأى عليهم قمصانا رخيصة قصيرة مشمّرة ، وأيديهم كثفنات الإبل وجباها مقرّحة لطول السجود!
فقالوا له : ما جاء بك يا أبا العباس! قال : جئتكم من عند صهر رسول الله صلىاللهعليهوآله وابن عمّه ، وأعلمنا بربه وبسنّة نبيّه ، ومن عند المهاجرين والأنصار.
قالوا : إنّا أتينا عظيما حين حكّمنا الرجال في دين الله ، فإن تاب كما تبنا ونهض لمجاهدة عدوّنا رجعنا!
__________________
(١) الأعراف : ٣٢.
(٢) الأعراف : ٣١.
(٣) فروع الكافي ٦ : ٤٤١ ك ٢٦ ، الباب ٢ ، الحديث ٦.
(٤) فروع الكافي ٦ : ٤٥١ ك ٢٦ ، الباب ٩ الحديث ٥.