وانتدب مع الخثعمي ألفان ، فقال له الإمام وكأنّه يخاطبهما : اخرجا في طلب بسر بن أبي أرطاة حتى تلحقاه ، فأينما لحقتماه فناجزاه ، فإذا التقيتما فجارية بن قدامة على الناس.
ثمّ أملى على كاتبه كتابا إلى جارية السعدي ، ودعا بعبد الرحمن بن أبي الكنود وبعثه به إليه وفيه : أمّا بعد ، فإنّي بعثتك في وجهك الذي وجّهتك له وقد أوصيتك بتقوى الله ، وتقوى الله جماع كلّ خير ورأس كلّ أمر ، وتركت أنّ اسمّي لك الأشياء (التي تتّقيها) بأعيانها ، وإنّي افسّرها لك حتّى تعرفها ، سر على بركة الله حتّى تلقى عدوّك ، ولا تحتقرنّ من خلق الله أحدا ، ولا تسخّرن بعيرا ولا حمارا وإن ترجّلت وحفيت! ولا تستأثرنّ على أهل المياه بمياههم ، بل ولا تشربنّ من مياههم إلّا بطيب أنفسهم ، ولا تسبّ مسلما ولا مسلمة ، ولا تظلم معاهدا ولا معاهدة.
وصلّ الصلاة لوقتها ، واذكر الله بالليل والنهار ، واحملوا راجلكم ، وتآسوا على ذات أيديكم وأغذّ السير حتّى تلحق بعدوّك فتجليهم عن بلاد اليمن وردّهم صاغرين إن شاء الله ، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته (١).
وقدم جارية البصرة فضمّ إليه مثل من معه ، ثمّ أخذ طريق الحجاز إلى اليمن ، لم يغصب أحدا ولم يقتل (٢) والتقى بوهب بن مسعود في أرض الحجاز ، فذهبا في طلب بسر (٣).
__________________
(١) الغارات ٢ : ٦٢٧ ـ ٦٢٨ ، وقريب منه في اليعقوبي ٢ : ٢٠٠ عن فطر بن خليفة عن الحارث الوالبي.
(٢) الغارات ٢ : ٦٢٤.
(٣) الغارات ٢ : ٦٢٧.