قال : فهات حاجتك ، فما أحبّ إلينا ما يسرّك! قال : أريد أن تؤمّن أخي زيادا. قال : هو آمن على نفسه (١) فقال له أبو بكرة : فهل بايعناك على أن تقتل الأطفال؟! قال : فما ذلك يا أبا بكرة؟ قال : هذا بسر يريد أن يقتل بني زياد (٢)! قال معاوية : ولكن في يده مال فارس! قال أبو بكرة : إنه يزعم أنه يدفع ما كان في يده من حقوق المسلمين وإنه ليطلب صلحك. قال : وكم هذا المال؟ قال : خمسة آلاف ، قال : فقد أمّنته ورضيت منه بهذا المال. قال : فاكتب إلى بسر فليخلّ سبيل بني أخي فإنه قد حبسهم (يريد قتلهم) فكتب إليه : أما بعد ، فإن أبا بكرة أتاني والتمس لأخيه الأمان على ما أحدث! والصلح على ما في يديه ، فخلّ سبيل بني أخيه حين يقدم عليك ، والسلام (٣).
فرجع أبو بكرة بكتاب معاوية إلى بسر ، في ثلاثة أيام ، فلما وصل إلى مربد البصرة مات برذونه من الإرهاق ، وكان بسر قد أمر بخشب الصلب فنصبت لأبناء زياد ليصلبهم عند الغروب فرفع أبو بكرة كتاب معاوية إلى بسر بيده يلوّح به حتّى بلغ بسرا قبل الغروب ، فخلّى سبيلهم (٤) وأخذ يتتبّع كلّ من كان له بلاء مع علي عليهالسلام أو كان من أصحابه ، وكلّ من أبطأ عن بيعة معاوية ، فينهب أموالهم ويخرب دورهم ويحرقها (٥) ثمّ عاد بعد ستة أشهر إلى معاوية (٦). وقد مرّ أن بعثه إلى البصرة كان في رجب سنة إحدى وأربعين فبعد ستة أشهر يعني إلى آخر تلك السنة ، ولذلك
__________________
(١) الغارات ٢ : ٦٤٩ ـ ٦٥٠.
(٢) الغارات ٢ : ٦٥٢.
(٣) الغارات ٢ : ٦٥٠.
(٤) الغارات ٢ : ٦٥٢ ، وانظر الطبري ٥ : ١٦٧ ـ ١٦٩.
(٥) الغارات ٢ : ٦٥٣.
(٦) الطبري : ١٦٨.