وقد مرّ في الخبر : أنّ معاوية دسّ لمالك بن الحارث الأشتر النخعي في طريقه إلى مصر من سمّه في شراب من عسل مسموم ، فلما بلغه خبره قال : إنّ لله جنودا من عسل! ومرّ في الخبر أيضا : أنه لما استمزج الناس بالشام لولاية عهده تنادوا باسم عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، فدسّ إليه طبيبه ابن أثال النصراني فسقاه شربة انخرق منها بطنه فمات!
وسيأتي في الأخبار التالية أن الحسن عليهالسلام سقي السم مرارا ، فيبدو أن معاوية كان يسقيه السموم السابقة فلم تنجع فيه ، فروى «الاحتجاج» أنه كتب إلى ملك الروم (؟) يسأله أن يوجّه إليه من السمّ القتال شربة! فكتب إليه ملك الروم : إنه لا يصلح لنا في ديننا أن نعين على قتال من لا يقاتلنا! فكتب إليه : إنّ هذا ابن الرجل الذي خرج بأرض تهامة وقد خرج يطلب ملك أبيه ، وأنا اريد أن أدسّ إليه من يسقيه ذلك فاريح العباد والبلاد منه ، ووجّه إليه بهدايا وألطاف ، فوجّه إليه ملك الروم (؟) بشربة واشترط عليه شروطا في ذلك فدفع بالسمّ لقتل الحسن عليهالسلام (١).
وإلى جانب الإمام الحسن عليهالسلام كان سعد بن أبي وقّاص هو البقية الباقية من الستة نفرا أعضاء شورى عمر ، فكأن معاوية كان يراهما مانعين عن تولية العهد ليزيد : فقد روى الأصفهاني الأموي قال : لما أراد معاوية البيعة لابنه يزيد لم يكن شيء أثقل عليه من أمر الحسن بن عليّ وسعد بن أبي وقاص ، فدسّ إليهما سمّا ماتا منه في أيام (٢) متقاربة بعد عشر سنين من عهد معاوية.
__________________
(١) الاحتجاج ٢ : ١١.
(٢) مقاتل الطالبيين : ٤٧ ـ ٤٨.