وأما عدوي عليك بصفّين ؛ فو الله لو لم أفعل لكنت من ألأم العالمين! أفكانت نفسك ـ يا معاوية ـ (كذا بلا لقب) تحدّثك أني أخذل ابن عمي أمير المؤمنين وسيد المسلمين ، وقد حشّد له المهاجرون والأنصار والمصطفون الأخيار؟! ولم ـ يا معاوية ـ الشكّ في ديني؟ أم لحيرة في سجيّتي؟ أم ضنّا (بخلا) بنفسي؟!
وأما ما ذكرت من نفي زياد ؛ فإني لم أنفه بل نفاه رسول الله صلىاللهعليهوآله إذ قال :«الولد للفراش وللعاهر الحجر» ولكنّي بعد هذا لأحبّ ما سرّك في جميع امورك!
فقال ابن العاص : يا أمير المؤمنين! والله ما أحبّك ساعة قط! غير أنّه قد أعطي لسانا ذربا يقلّبه كيف يشاء! فقال ابن عباس : إن عمرا دخل بين العصا واللحاء ، وبين العظم واللحم! وقد تكلم فليستمع :
أما والله يا عمرو ؛ إني لأبغضك في الله وما أعتذر منه (١) قد قال الله تبارك وتعالى : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ)(٢) وقد حاددت الله ورسوله قديما وحديثا ، ولقد جهدت على رسول الله جهدك ، وأجلبت عليه بخيلك ورجلك ، حتّى إذا غلبك الله على أمرك ، وردّ كيدك في نحرك ، وأوهن قوتك وأكذب أحدوثتك ، نزعت وأنت حسير! ثمّ كدت بجهدك لعداوة أهل بيت نبيّه من بعده ، ليس ذلك من حبّ لمعاوية ولا آل معاوية ، ولكن عداوة لله ولرسوله ، مع بغضك وحسدك القديم لأبناء عبد مناف!
فبدأ عمرو يتكلم فقال له معاوية : أما والله يا عمرو ما أنت من رجاله! فإن شئت فقل وإن شئت فدع!
__________________
(١) هنا نسب الراوي إليه أنه نسب نزول سورة الكوثر بشأن ابن العاص ، والصحيح إلى العاص.
(٢) المجادلة : ٢٢.