فقام عمرو بن العاص مقامه فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : إنّ هذا قال ما سمعتم وخلع صاحبه! وأنا أخلع صاحبه كما خلعه (ولكنّي) أثبت صاحبي معاوية ، فإنّه وليّ عثمان والطالب بدمه وأحقّ الناس بمقامه (١)!
فقال له أبو موسى : ما لك لا وفّقك الله قد غدرت وفجرت! وإنّما مثلك (كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ)(٢).
فقال له عمرو : وإنما مثلك (كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً)(٣).
وصاح ابن عباس : قبّح الله أبا موسى ، أمرته بالرأي فما عقل!
فقال أبو موسى : قد حذّرني ابن عباس غدرة الفاسق! ولكنّي اطمأننت إليه وظننت أنه لن يؤثر شيئا على نصيحة الأمّة (٤)!
وقام سعيد بن قيس الهمداني فقال لهما : والله لو اجتمعتما على الهدى ما زدتمانا على ما نحن عليه الآن ، وما ضلالكما بلازمنا ، وما رجعتما إلّا بما بدأتما ، وإنا اليوم لعلى ما كنا عليه بالأمس (٥).
وحمل شريح بن هانئ على عمرو بسوطه فقنّعه به ، فقام ابن أبي موسى إليه فضربه بسوطه ، وقام الناس فحجزوا بينهما (٦).
__________________
(١) وفي اليعقوبي ٢ : ١٩٠ : قد ثبّت معاوية كما ثبّت خاتمي هذا في يدي. وفي أنساب الأشراف ٢ : ٣٥١ : وقد خلعته كما خلعت نعلي هذه! عن أبي مخنف.
(٢) الأعراف : ١٧٦.
(٣) الجمعة : ٥.
(٤) وقعة صفين : ٥٤٥ ـ ٥٤٦.
(٥) وقعة صفين : ٥٤٧.
(٦) وقعة صفين : ٥٤٦.