فلا عراق! فاتّق الله ، فإنها تجمع لك دنياك وآخرتك. وإذا لقيت غدا عمرا فلا تبدأه بالسلام ، فإنها وإن كانت سنة إلّا أنه ليس من أهلها ، ولا تعطه يدك فإنّها أمانة. وإياك أن يقعدك على صدر الفراش فإنها خدعة! ولا تلقه وحده ، واحذر أن يكلّمك في بيت فيه مخدع تخبأ فيه الرجال والشهود!
ثمّ أراد أن يختبر ويبلو ما في نفسه لعليّ عليهالسلام فقال له : فإن لم يستقم لك عمرو على الرضا بعلي! فخيّره أن يختار أهل العراق من قريش الشام من شاءوا ، فإنّهم يولّونا الخيار فنختار من نريد! وإن أبوا فليختر أهل الشام من قريش العراق من شاءوا فإن فعلوا كان الأمر فينا!
فلم يتحاشى أبو موسى ما سارّه به الأحنف التميمي وإنما قال له : قد سمعت ما قلت!
فرجع الأحنف إلى الإمام عليهالسلام وقال له : يا أمير المؤمنين ، والله لقد أخرج أبو موسى زبدة سقائه في أول مخضة! فلا أرى أنا بعثنا إلّا رجلا لا ينكر خلعك!
وكأنّ ذلك كان عند التقائه بعمرو بن العاص وأصحابه ، وقد كان الإمام عليهالسلام أوصى شريحا بكلمات إلى ابن العاص قال : إن لقيته فقل له : إن عليّا يقول لك : إنّ أفضل الخلق عند الله من كان العمل بالحقّ أحبّ إليه وإن نقصه! وإن أبعد الخلق من الله من كان العمل بالباطل أحبّ إليه وإن زاده! يا عمرو ، والله إنك لتعلم أين موضع الحقّ ، فلم تتجاهل؟! أبأن أوتيت طمعا أو طعما يسيرا فكنت لله ولأوليائه عدوّا فو الله كأنّ ما اوتيت قد زال عنك! فلا تكن للخائنين خصيما ولا للظالمين ظهيرا! أما إني أعلم أنّ يومك الذي أنت فيه نادم هو يوم وفاتك ، وسوف تتمنّى أنّك لم تضمر لمسلم عداوة ولم تأخذ على حكم رشوة!
فلما أبلغه ذلك في مجلس خاصّ تمعّر وجهه وتغيّر وقال : ومتى كنت أقبل من عليّ مشورة ، أو انيب إلى أمره وأعتدّ برأيه؟ فقال شريح : يا ابن النابغة :