قال ابن عباس : فمن ولي هذا الخراب أمّته أم ذريّته؟ قال : بل أمته.
قال ابن عباس : أفأنت من الأمة أو من الذريّة؟ قال : بل من الأمة!
قال ابن عباس : يا عتّاب! فكيف ترجو النجاة من النار وأنت من امة أخربت دار الله ورسوله وعطّلت حدودها؟
فاسترجع عتّاب وقال : ويحك يا ابن عباس ، احتلت حتّى أوقعتني في أمر عظيم وجعلتني ممن أخرّب دار الله! ويحك يا ابن عباس فكيف الحيلة للتخلّص مما أنا فيه؟
قال ابن عباس : الحيلة في ذلك أن تسعى في عمارة ما أخربته الأمة من دار الإسلام ... وإن أول ما يجب عليك في ذلك : أن تعرف من سعى في خراب هذه الدار فتعاديه ، وتعرف من يريد عمارتها فتواليه.
فقال عتّاب : صدقت يا ابن عباس ، وما أعرف ـ والله ـ أحدا في هذا الوقت يحبّ عمارة دار الإسلام غير ابن عمّك علي بن أبي طالب ، ولكنّه حكّم عبد الله بن قيس (الأشعري) في حقّ هوله!
قال ابن عباس : ويحك يا عتّاب ، إنا وجدنا الحكومة في كتاب الله عزوجل ، إذ قال تعالى : (فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما)(١) وقال : (يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ)(٢).
فتنادوا وصاحوا وقالوا : أفعمرو بن العاص عندك من العدول؟ وأنت تعلم أنه كان في الجاهلية رأسا وفي الإسلام ذنبا ، وهو الأبتر بن الأبتر ، وممن قاتل محمّدا وفتن أمته من بعده!
__________________
(١) النساء : ٣٥.
(٢) المائدة : ٩٥.