جعل الله ما كان من شكواك حطّا لسيئاتك ، فإنّ المرض لا أجر فيه ولكن لا يدع للعبد ذنبا إلّا حطّه! وإنما الأجر في القول باللسان والعمل باليد والرجل ، ويدخل الله بصدق النية والسريرة الصالحة عالما جمّا من عباده الجنة!
ثمّ مضى غير بعيد فلقيه عبد الله بن وديعة الأنصاري فدنا منه وسأله قال : ما سمعت الناس يقولون في أمرنا هذا؟ قال : منهم المعجب به ومنهم الكاره له ، فهم كما قال الله تعالى : (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ)(١) فقال : فما قول ذوي الرأي؟ قال : يقولون : إنّ عليّا كان له جمع عظيم ففرّقه وحصن حصين فهدمه! فحتّى متى يبني مثل ما هدم؟ وحتّى متى يجمع مثل ما فرّق؟
فقال علي عليهالسلام : أنا هدمت أم هم هدموا؟ أم أنا فرّقت أم هم فرّقوا (٢)؟
ثمّ مضى أمير المؤمنين حتّى تجاوز دور بني عوف فإذا بقبور سبعة أو ثمانية ، فسأل عنها ، فتقدّم إليه من الكوفة قدامة بن عجلان الأزدي وقال له : يا أمير المؤمنين ، إنّ خبّاب بن الأرت توفى بعد مخرجك (٣) وقد أوصى أن يدفن في ظهر الكوفة المرتفع (جانب النجف) فدفن الناس إلى جانبه بعد أن كانوا يدفنون بفناء دورهم.
__________________
(١) هود : ١١٨.
(٢) وهنا تتمة غير تمام ، إذ فيها : أنه لم يكن له أيّ مانع من أن يصرّ على الحرب حتّى يظفر أو يهلك! وإنّما منعه أنّ الحسنين يقتلان فينقطع نسل محمد صلىاللهعليهوآله! وهذا لا يتم ؛ لأنّهما كانا قد أولدا قبلا ، وقد مرّ أن اخترنا مولد الإمام السجاد عليهالسلام في المدينة فيكون قبل خروجهم منها إلى الجمل بالبصرة.
(٣) كذا هنا ، وقد عدّه المنقري في شهود كتاب التحكيم : ٥٠٦ ، فيعلم أنه كان معه في صفين ولكنه لعلّه سبق الإمام في الوصول إلى الكوفة فمات بعد وصوله بقليل قبيل وصول الإمام عليهالسلام.