فخرجوا به جوف الليل من منزله ومرّوا به على مسجد الأشعث حتّى خرجوا إلى ظهر الكوفة (١) وجعلوا يحملون مؤخّر سريره ويكفون مقدّمه وهم يسمعون دويّا وحفيفا لغيرهم حتّى حضروا موضع القبرين الغريّين لنديمي المنذر بن امرئ القيس ملك الحيرة المقتولين بأمره سكرانا ، قبل الإسلام ، فإذا صخرة بيضاء تلمع نورا كما وصف الإمام في وصيته إليهم ، فاحتفروا الموضع فإذا بخشبة ساجة مكتوب عليها : هذا ما ادّخره نوح لعلي بن أبي طالب عليهالسلام (٢).
ودخل القبر الحسنان عليهماالسلام وابن الحنفية وعبد الله بن جعفر رضي الله عنهما ، ودفنوه قبل طلوع الفجر (٣) وألحدوه في ناحية القبلة وأسنده بسبع لبنات (٤)! ثمّ عادوا إلى الكوفة حين الفجر (٥).
__________________
ـ وفي ترجمة أسيد بن صفوان الصحابي في قاموس الرجال ٢ : ١٤٣ برقم ٩٢١ نقل عن الاستيعاب عن عمر بن إبراهيم بن خالد (الكردي لا الهاشمي) عن عبد الملك عن اسيد بن صفوان : أنه لما قبض أبو بكر ارتجّت المدينة بالبكاء ودهش القوم كيوم قبض النبي صلىاللهعليهوآله فأقبل عليّ بن أبي طالب مسرعا باكيا مسترجعا حتّى وقف على باب البيت فقال : رحمك الله يا أبا بكر ، إلى آخر الخبر بطوله!
واعترف الدار قطني والخطيب والذهبي بكذب الراوي الكردي عمر بن إبراهيم وهو أصل الخبر. وأرى الخبر لا يلائم الخبر المعتبر في وفاة الإمام عليهالسلام بين أهله في أوائل الليل ، فلذا تركته.
(١) مقاتل الطالبيين : ٢٦ ، وعنه في الإرشاد ١ : ٢٥.
(٢) الإرشاد ١ : ٢٣ باسناده إلى مولاه عليهالسلام ، ولعلهم قرءوا المكتوب بنور الصخرة ، ولعلّه كان بخطّ عربي.
(٣) الإرشاد ١ : ٢٤ ـ ٢٥ بإسناده عن الباقر عليهالسلام وهو الذي كشف للناس موضع قبره.
(٤) مقتل الإمام لابن أبي الدنيا : ٧٣ ، الحديث ٦٦ عن الباقر عليهالسلام أيضا.
(٥) المصدر السابق : ٨١ ، الحديث ٧٢ عن الكلبي.