وعبّأ معاوية أهل الشام (١) وخرج الإمام عليهالسلام بنفسه في الصحابة من البدريين وغيرهم من المهاجرين والأنصار ، وهمدان وربيعة.
وتقدم عليهالسلام على البغلة الشهباء لرسول الله صلىاللهعليهوآله وعليه عمامة بيضاء ، وهو يقف على مراتب الناس يحثهم ويحرّضهم. فروى المسعودي ، عن ابن عباس قال : انتهى إليّ فوقف وقال :
«يا معشر المسلمين ؛ غمّوا الأصوات ، وأكملوا اللأمة ، واستشعروا الخشية ، وأقلقوا السيوف في الأجفان قبل السلّة ، والحظوا الشزر ، واطعنوا الهبر ، ونافحوا بالظّبا ، وصلوا السيوف بالخطاء ، والنبال بالرماح. وطيبوا نفسا عن أنفسكم ، فإنكم بعين الله ومع ابن عمّ رسول الله! عاودوا الكرّ واستقبحوا الفرّ ، فإنه عار في الأعقاب ونار يوم الحساب. ودونكم هذا السواد الأعظم والرواق المطنّب فاضربوا نهجه ، فإن الشيطان راكب صعيده مفترش ذراعيه ، قد قدّم للوثبة يدا وأخّر للنكوص رجلا ، فصبرا جميلا حتى تنجلي عن وجه الحق (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ)» (٢).
ثمّ استقدم معاوية أهل حمص وعليهم ذو الكلاع الحميري ، ثمّ أهل الأردن وعليهم أبو الأعور السلمي ، ثمّ أهل قنّسرين وعليهم زفر بن الحارث ، ثمّ جند دمشق وهم القلب وعليهم الضحّاك بن قيس الفهري فأطافوا بمعاوية ، فكان أهل الشام أكثر من أهل العراق بالضعف ذلك اليوم ، فلما نظر عمرو بن العاص إلى أهل العراق استقلّهم وطمع فيهم فرجع إلى معاوية وقال له : اعصب هذا الأمر برأسي.
__________________
(١) أنساب الأشراف ٢ : ٣٠٥.
(٢) مروج الذهب ٢ : ٣٧٩ ، ٣٨٠. والآية ٣٥ من سورة محمد صلىاللهعليهوآله.