الجمعة العاشر من شهر صفر القتال في صفين ، صباح ليلة الهرير ، مع ارتفاع شمسه ارتفعت المصاحف الخمسمائة على رءوس رماح الشاميّين ، وبارتفاعها ارتفعت وتيرة الخلاف والاختلاف بين العراقيين على عليّ أمير المؤمنين عليهالسلام ، هذا كلّه والأشتر في صبيحة ليلة الهرير قد أشرف على الدخول في عسكر معاوية (١) بل فسطاطه وبساطه ثم بلاطه.
وكان من الدّاعين إلى المناجزة عديّ بن حاتم الطائي سيد طيّئ قام فقال : إنه لم يصب عصبة منّا إلّا وقد أصيب منهم مثلها ونحن أمثل بقية منهم ، وقد جزعوا ، وليس بعد الجزع إلّا ما نحب ، فناجز القوم (٢).
ولكن زيد بن حصين الطائي لم يطع سيّد قومه ، وكان من المجتهدين في العبادة من أصحاب البرانس (٣).
وكان مسعر بن فدكي التميمي من قرّاء تميم البصرة فأقرّه الإمام عليهالسلام على قرّاء البصرة في صفين (٤) ، فتوافقا وقادا زهاء عشرين ألفا (؟!) عصابة منهم من القرّاء الذين صاروا خوارج فيما بعد ، وقد اسودت جباههم من السجود ، مقنّعين في الحديد قد وضعوا سيوفهم على عواتقهم ، يتقدمهم زيد ومسعر ، نادوا الإمام باسمه : يا علي ، أجب القوم إلى كتاب الله إذ دعيت إليه! وإلّا قتلناك كما قتلنا ابن عفّان! والله لنفعلنّها إن لم تجبهم أو لنسلمنّك إلى عدوّك! فابعث إلى الأشتر ليأتيك!
__________________
(١) وقعة صفين : ٤٩٠.
(٢) وقعة صفين : ٤٨٢.
(٣) وقعة صفين : ٩٩.
(٤) وقعة صفين : ٢٠٨.