فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال :
يا أهل الكوفة : أإذا أطلّ عليكم منسر (فوج) من مناسر أهل الشام أغلقتم أبوابكم وانجحرتم في بيوتكم انجحار الضبّة في جحرها والضباع في وجارها! الذليل ـ والله ـ من نصرتموه! ومن رمى بكم رمى بأفوق ناصل (سهم بلا نصل) أفّ لكم! لقد لقيت منكم ترحا (حزنا)! ويحكم يوما أناجيكم ويوما أناديكم ، فلا أحباب عند النداء ولا إخوان صدق عند اللقاء! أنا ـ والله ـ منيت بكم! صمّ لا تسمعون ، وبكم لا تنطقون وعمي لا تبصرون.
ويحكم اخرجوا إلى أخيكم مالك بن كعب ، فإنّ النعمان بن بشير قد نزل به في جمع من أهل الشام ليس بالكثير! فانهضوا إلى إخوانكم ، لعلّ الله يقطع بكم من الظالمين طرفا! ثمّ نزل ودخل منزله.
فقام عديّ بن حاتم الطائي (وقد فرّ ابنه إلى معاوية ، والآخر قتل بالنهروان) وقال لهم :
هذا ـ والله ـ الخذلان القبيح! هذا ـ والله ـ الخذلان غير الجميل! ما على هذا بايعنا أمير المؤمنين!
ثمّ دخل على الإمام عليهالسلام وقال له : يا أمير المؤمنين ، إنّ معي من طيّئ ألف رجل لا يعصونني ، فإن شئت أن أسر بهم سرت؟ فقال له : اخرج إلى النخيلة فعسكر بهم ، فخرج فعسكر.
وفرض الإمام عليهالسلام لمن يلحق بهم سبعمائة ، فاجتمع إليه ألف فارس سواهم ، فسار بهم على شاطئ الفرات ، وفاته النعمان بن بشير فأغار على أداني أراضي الشامات ثمّ عاد إلى البلاد (١).
__________________
(١) الغارات ٢ : ٤٥١ ـ ٤٥٥.