ولقرب مصر وأعمالها من الشام كان معاوية يخاف أن يقبل إليه الإمام عليهالسلام من العراق ويقبل عليه قيس بأهل مصر فيقع بينهما ، فكان من أثقل خلق الله عليه. فقبل أن يسير الإمام إليه كتب معاوية إلى قيس بعد البسملة :
من معاوية بن أبي سفيان إلى قيس بن سعد. سلام عليك ، فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلّا هو ، أما بعد ، فإنكم إن كنتم نقمتم على عثمان في أثرة رأيتموها ، أو في ضربة سوط رأيتموه ضربها ، أو في شتمة رجل أو تسييره آخر (أبا ذر وغيره) أو في استعماله الفتيان من أهله ، فإنكم قد علمتم ـ إن كنتم تعلمون ـ أن دمه لم يحل لكم ، فقد ركبتم عظيما من الأمر وجئتم شيئا إدّا!
فتب إلى ربك يا قيس إن كنت من المجلبين على عثمان ، إن كانت التوبة من قتل المؤمن تغني شيئا!
وأما صاحبك (عليّ) فإنا قد استيقنّا أنه أغرى به الناس وحملهم على قتله حتّى قتلوه! وأنّه لم يسلم من دمه عظم قومك (الأنصار) فإن استطعت يا قيس أن تكون ممن يطلب بدم عثمان فافعل وتابعنا على أمرنا هذا ، ولك سلطان العراقين إن أنا ظفرت ما بقيت ، ولمن أحببت من أهل بيتك سلطان الحجاز ما دام لي سلطان ، وسلني من غير هذا ما تحبّ ، فإنك لا تسألني من شيء إلّا أوتيته ، واكتب إليّ برأيك فيما كتبت إليك ، والسلام.
فلما وصل كتاب معاوية إلى قيس لم ير من الرأي أن يجاهره العداء فكتب إليه بعد البسملة :
أما بعد ، فقد وصل إليّ كتابك وفهمت ما ذكرت من قتل عثمان ، وذلك أمر لم أقاربه ، وذكرت أن صاحبي (عليا) هو الذي أغرى الناس بعثمان ودسّهم إليه حتى قتلوه ، وهذا أمر لم أطّلع عليه. وذكرت أن عظم عشيرتي لم تسلم من دم عثمان ، فلعمري إن أولى الناس كان في أمره عشيرتي.