وأما ما سألتني من متابعتك وعرضت عليّ ما عرضت ، فقد فهمته ، وهذا أمر لي فيه نظر وفكر ، وليس هذا مما يعجل إليه. وأنا كافّ عنك ، وليس يأتيك من قبلي شيء تكرهه حتّى ترى ونرى ، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته!
فلما وصله وقرأه لم يأمن من كيده ومخادعته فكتب إليه أخرى بعد البسملة :
أما بعد ، فقد قرأت كتابك ، فلم أرك تدنو فأعدّك سلما ، ولم أرك تتباعد فأعدّك حربا ، أنت هاهنا كجمل جرور (مجرور) وليس مثلي من يصانع بالخدائع ، ولا يختدع بالمكايد ، ومعه عدد الرجال وأعنّة الخيل! فإن قبلت الذي عرضت عليك فلك ما أعطيتك ، وإن لم تفعل ملأت عليك مصر خيلا ورجالا! والسلام!
فلما وصله وقرأه علم أنه لا يقبل المطاولة والمدافعة فكتب إليه ما أظهر له ما في قلبه :
«من قيس بن سعد إلى معاوية بن أبي سفيان ، أما بعد ، فالعجب من استسقاطك رأيي واغترارك بي وطمعك فيّ أن تسومني ـ لا أبا لغيرك ـ الخروج من طاعة أولى الناس بالأمر وأقولهم بالحق ، وأهداهم سبيلا وأقربهم من رسول الله وسيلة ، وتأمرني بالدخول في طاعتك : طاعة أبعد الناس من هذا الأمر ، وأقولهم بالزور وأضلّهم سبيلا ، وأبعدهم من رسول الله صلىاللهعليهوآله وسيلة ، ولديك قوم ضالون مضلون من طواغيت إبليس!
وأما قولك : تملأ عليّ مصر خيلا ورجالا! فلئن لم أشغلك عن ذلك إنك لذو جدّ (حظّ) والسلام!».
فلما وصله وقرأه افترى عليه كتابا آخر وقرأه على أهل الشام قال فيه بعد البسملة :
إلى الأمير معاوية بن أبي سفيان من قيس بن سعد ، أما بعد ، فإن قتل عثمان كان حدثا عظيما في الإسلام! وقد نظرت لنفسي وديني فلم ار يسعني مظاهرة