ثمّ انكفأ راجعا سالما! ممّا يهوّل الخذل في أهل الكوفة ، ووصل هذا القول إلى مكة ، وسمع به عقيل بن أبي طالب ، وكان حتّى ذلك الحين بالحجاز ، فكتب إلى الإمام عليهالسلام يقول : لعبد الله علي أمير المؤمنين من عقيل بن أبي طالب ، سلام عليك ، فإنّي أحمد إليك الله الذي لا إله إلّا هو ، أمّا بعد ، فإنّ الله حارسك من كل سوء وعاصمك من كل مكروه وعلى كل حال إنّي خرجت إلى مكة معتمرا ... فلمّا قدمت مكة سمعت أهلها يتحدّثون : أن الضحّاك بن قيس أغار على الحيرة فاحتمل من أموالهم ما شاء ثمّ انكفأ سالما! فافّ لحياة في دهر جرّأ عليك الضحّاك ، وما الضحّاك؟ فقع بقرقرة! وقد توهّمت حيث بلغني ذلك : أنّ شيعتك وأنصارك خذلوك! فاكتب إليّ يا ابن أمّي برأيك ، فإن كنت الموت تريد تحمّلت إليك ببني أخيك وولد أبيك فعشنا معك ما عشت ومتنا معك إذا مت! فو الله ما أحبّ أن أبقى في الدنيا بعدك فواقا (بين الحلبتين) وأقسم بالأعز الأجل إنّ عيشا نعيشه بعدك في الدنيا لغير هنيء ولا مريء ولا نجيع! والسلام عليك ورحمة الله وبركاته. وأرسل بالكتاب مع عبد الرحمن بن عبيد بن أبي الكنود الأزدي الكوفي.
فأجابه الإمام عليهالسلام يقول : من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى عقيل بن أبي طالب ، سلام عليك ، فإنّي أحمد إليك الله الذي لا إله إلّا هو ، أمّا بعد ، كلأنا الله وإيّاك كلاءة من يخشاه بالغيب إنه حميد مجيد. وقد وصل إليّ كتابك مع عبد الرحمن بن عبيد الأزدي تذكر فيه : أنّك لقيت عبد الله بن سعد بن أبي سرح مقبلا من قديد في نحو من أربعين شابّا من أبناء الطلقاء متوجّهين إلى المغرب (الشام). وإنّ ابن أبي سرح طالما كاد الله ورسوله وكتابه وصدّ عن سبيله وبغاها عوجا ، فدع ابن أبي سرح ودع عنك قريشا وخلّهم وتركاضهم في الضلال ، وتجوالهم في الشقاق! ألا وإنّ العرب قد اجتمعت على حرب أخيك اليوم اجتماعها على حرب النبي صلىاللهعليهوآله قبل اليوم! فأصبحوا قد جهلوا حقّه وجحدوا فضله وبادوه بالعداوة ونصبوا له الحرب