وكان عبد الله بن مسعدة الفزاري صبيّا من سبي بني فزارة على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله فوهبه لابنته فاطمة ، فكان عندها وعند علي عليهماالسلام ، ثمّ خرج مع جنود الفتوح إلى الشام فلحق بمعاوية ، فصار من أشدّ الناس على علي عليهالسلام! فروى الثقفي الخبر عنه قال : كنّا مع معاوية معسكرين خارج دمشق وقد بلغنا أمر الخوارج ولم يبلغنا ما بعده ، فكنّا نتخوّف أن يفرغ علي من الخوارج عليه ثمّ يقبل إلينا ، إذ جاءنا كتاب عمارة بن عقبة من الكوفة ، فقرأه معاوية عليّ وعلى أخيه عتبة بن أبي سفيان والوليد بن عقبة أخي عمارة ، وأبي الأعور السلمي ، ثمّ نظر إلى الوليد وقال له : لقد رضي أخوك أن يكون عينا لنا! فضحك الوليد وقال : إنّ في ذلك لنفعا!
وهنا بدأ معاوية بقرار الغارات على أطراف حكومة الإمام عليهالسلام ، فبدأها بالإغارة من معسكره يومئذ خارج دمشق ، وكان قد جعل الضحّاك بن قيس الفهري أميرا على شرطته ، فدعاه وضمّ إليه خيلا ما بين الثلاثة إلى أربعة آلاف فارس ، وقال له : سر حتى تمرّ بمرتفعات نواحي الكوفة ، فإن وجدت له مسلحة أو خيلا فأغر عليهما ، وإذا أصبحت في بلدة فأمس في اخرى ، وإذا بلغك أنّ خيلا سرّحت إليك فلا تقيمنّ لتلقاها ، ومن وجدته من الأعراب في طاعة عليّ فأغر عليه!
فخرج الضحّاك بهم ـ وهو من صغار الصحابة ـ يقتل من يلقى من الأعراب ويأخذ ماله! حتى مرّ على طريق الحجاز للعراق بين الثعلبية إلى القطقطانة ، وكان ذلك في أواخر شهر صفر عند عودة حجّاج الكوفة ، فأغار عليهم وأخذ أمتعتهم! حتّى لقي عمرو بن عميس ابن أخ عبد الله بن مسعود الذهلي الصحابي ، فقتله ومن معه من أصحابه! وعاد على أدراجه (١) فخطب الإمام ثالث خطبة.
__________________
(١) الغارات ٢ : ٤١٨ ـ ٤٢٢ متنا وهامشا.