على رءوس الأشهاد : «إني كنت شرطت شروطا ووعدت عدات ، إرادة لإطفاء نار الحرب ، ومداراة لقطع الفتنة! فأمّا إذ جمع الله لنا الكلمة والألفة فإنّ ذلك تحت قدميّ»! والله ما عنى بذلك غيرك ولا أراد بذلك إلّا ما كان بينه وبينك ، وقد نقضه.
فإذا شئت فأعد الحرب جذعة (رأسا) ، وأذن لي في تقدّمك إلى الكوفة فاخرج عنها عاملها (المغيرة) واظهر خلعه ، وننبذ إليه على سواء (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ)(١).
ثمّ تكلّم الباقون بمثل كلامه.
ثمّ تكلّم الإمام عليهالسلام فقال لهم : أنتم شيعتنا وأهل مودّتنا ، ولو كنت بالحزم في أمر الدنيا أعمل ، ولسلطانها أربص وأنصب ، لما كان معاوية بأشدّ منّي بأسا ، ولا أسدّ شكيمة ولا أمضى عزيمة. ولكنّي أرى غير ما رأيتم ، ولا أردت بما فعلت إلّا حقن الدماء ، فارضوا بقضاء الله وسلّموا لأمره ، والزموا بيوتكم وكفّوا أيديكم ، حتّى يستريح برّ (الإمام) أو يستراح من فاجر (معاوية) (٢).
هذا ما رواه أبو مخنف الكوفي ، وعنه الكلبي ، وعنه البلاذري والمرتضى ، وأرسله الدينوري معاصر البلاذري وزاد :
مع أن أبي كان يحدّثني : أن معاوية سيلي الأمر! فو الله لو سرنا إليه بالجبال والشجر ما شككت أنه سيظهر ، إن الله لا معقّب لحكمه ولا رادّ لقضائه.
وقد نقل أول الخبر سلامه عليه بقوله : السلام عليك يا مذلّ المؤمنين! فهنا زاد :
__________________
(١) الأنفال : ٥٨ ، يستدل بها للزوم النبذ إليه أي إعلان الحرب دون المفاجأة.
(٢) تنزيه الأنبياء : ١٧١ ـ ١٧٢ عن عباس بن هشام ، عن أبيه هشام الكلبي ، عن أبي مخنف بسنده ، وقال : وهذا كلام منه عليهالسلام يشفي الصدور ويذهب بكل شبهة. وبالسند نفسه في أنساب الأشراف ٣ : ٥٢ ، الحديث ٥٧.