ودّعتكم وداع مرصد للتلاقي! غدا ترون أيامي ، ويكشف الله عن سرائري ، وتعرفوني بعد خلوّ مكاني وقيام غيري مقامي!
إن أبق فأنا وليّ دمي ، وإن أفن فالفناء ميعادي ، فإن أعف فالعفو لي قربة ، ولكم حسنة ، فاعفوا واصفحوا (أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَكُمْ)(١)؟
فيا لها حسرة على كلّ ذي غفلة : أن يكون عمره عليه حجّة ، أو تؤدّيه أيامه إلى شقوة!
جعلنا الله وإياكم ممن لا يقصّر به عن طاعة الله رغبة ، أو تحلّ به بعد الموت نقمة! فإنما نحن له وبه ، ثمّ أقبل على الحسن عليهالسلام فقال له : يا بني ، ضربة مكان ضربة ، ولا تأثم!
يا بني ، إذا أنا متّ فاقتل ابن ملجم ، ثمّ احفر له في الكناسة ثمّ ارم به فيه ، فإنّه من أودية جهنم (٢)!
ولعلّه لم يحضر هذا المحضر صاحبه صعصعة بن صوحان العبدي ثمّ منع من الدخول إليه إلّا بإذن ، فحضر صعصعة واستأذن فلم يؤذن له ، فقال للآذن عليه : قل له : يا أمير المؤمنين ، يرحمك الله حيّا وميّتا فو الله لقد كنت بذات الله عليما ، فكان الله في صدرك عظيما ، فدخل الآذن إلى الإمام وأبلغه مقال صعصعة فقال له الإمام : قل له : وأنت يرحمك الله ، فلقد كنت خفيف المئونة كثير المعونة (٣).
__________________
(١) النور : ٢٢.
(٢) أصول الكافي ١ : ٢٩٩ الحديث ٦ و ٧ عن العقيلي ووصف هذا موضع قبر ابن ملجم على باب طاق المحامل موضع بائعي رءوس الأغنام وأصحاب الشّواء كما في الكافي. وذكر الخبر في نهج البلاغة الخطبة ١٤٩ ، ومصادرها في المعجم المفهرس : ١٣٨٨ والكتاب ٢٣ ، ومصادرها في : ١٣٩٥ وهما واحد.
(٣) مقاتل الطالبيين : ٢٢ ـ ٢٣ عن أبي مخنف. هذا وقد روى الكشيّ بسنده عن