وعديّ بن حاتم الطائي ، ويزيد بن قيس الأرحبي الهمداني فأرسلهم إلى معاوية ، فذهبوا حتّى دخلوا عليه.
فبدأ عديّ بن حاتم الطائي فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : أما بعد ، فإنا أتيناك لندعوك إلى أمر يجمع الله به كلمتنا وأمّتنا ، ويحقن الله به دماء المسلمين. ندعوك إلى أفضلها (الامّة) سابقة وأحسنها في الاسلام آثارا ، وقد اجتمع له الناس وقد أرشدهم الله بالذي رأوا فأتوه ، فلم يبق أحد غيرك وغير من معك ، فانته يا معاوية من قبل أن يصيبك الله وأصحابك بمثل يوم الجمل!
فقطعه معاوية وقال له : يا عديّ! كأنك جئت متهدّدا لا مصلحا! وإني والله لابن حرب! ما يقعقع لي بالشنان (القربة الخلقة البالية) وانك لمن المجلبين على ابن عفّان ومن قتلته! وإني لأرجو أن تكون ممن يقتله الله! هيهات يا عدي!
فقال له شبث وزياد : أتيناك فيما يصلحنا وإياك فأقبلت تضرب لنا الأمثال؟! فدع ما لا ينفع من القول والفعل وأجبنا فيما يعمّنا وإياك نفعه.
وتكلّم يزيد بن قيس فقال : إنا لم نأتك إلّا لنبلّغك ما بعثنا به إليك ولنؤدّي عنك ما سمعنا منك ، ولن ندع أن ننصح لك ، وأن نذكر ما ظنّنا أنّ لنا به عليك حجة ، أو أنه راجع بك إلى الألفة والجماعة. إن صاحبنا لمن قد عرفت وعرف المسلمون فضله ولا أظنّه يخفى عليك! وإن أهل الدين والفضل لن يعدلوك بعليّ ولن يميّلوا بينك وبينه! فاتّق الله يا معاوية ولا تخالف عليا ، فإنّا والله ما رأينا رجلا قط أعمل بالتقوى وأزهد في الدنيا ولا أجمع لخصال الخير كلّها منه. وسكت.
فبدأ معاوية الكلام فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : أما بعد ، فإنكم دعوتم إلى الطاعة والجماعة ، فأما الجماعة التي دعوتم إليها فنعمّا هي ، ولكن لا نرى لصاحبكم علينا طاعة ، فإنه قتل خليفتنا وفرّق جماعتنا وآوى قتلتنا ، ألستم تعلمون أنهم أصحاب صاحبكم ، فليدفعهم إلينا فلنقتلهم به ونحن نجيبكم إلى الطاعة والجماعة!