(قالُوا) ربنا (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ) وكما فعلته الجن بنو الجان ، الذين قد طردناهم عن هذه الأرض (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ) ننزهك عما لا يليق بك من الصفات (وَنُقَدِّسُ لَكَ) نطهر أرضك ممن يعصيك.
قال الله تعالى : (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) إني أعلم من الصلاح الكائن فيمن أجعله بدلا منكم ما لا تعلمون ، وأعلم أيضا أن فيكم من هو كافر في باطنه لا تعلمونه ، وهو إبليس لعنه الله.
ثم قال : (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها) أسماء أنبياء الله ، وأسماء محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعلي وفاطمة والحسن والحسين ، والطيبين من آلهما ، وأسماء رجال من شيعتهم ، وعتاة أعدائهم.
(ثُمَّ عَرَضَهُمْ) عرض محمدا وعليا والأئمة (عَلَى الْمَلائِكَةِ) ، أي عرض أشباحهم وهم أنوار في الأظلة (فَقالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أن جميعكم تسبحون وتقدسون ، وأن ترككم ها هنا أصلح من إيراد من بعدكم ، أي فكما لم تعرفوا غيب من في خلالكم ، فالحري (٢) أن لا تعرفوا الغيب إذا لم يكن ، كما لا تعرفون أسماء أشخاص ترونها.
قالت الملائكة : (قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلاَّ ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ) بكل شيء (الْحَكِيمُ) المصيب في كل فعل.
قال الله عز وجل : يا آدم ، أنبئ هؤلاء الملائكة بأسمائهم وأسماء الأنبياء والأئمة ، فلما أنبأهم فعرفوها ، أخذ عليهم العهد والميثاق بالإيمان بهم ، والتفضيل لهم.
قال الله تعالى عند ذلك : (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) وما كان يعتقده إبليس من الإباء على آدم إن أمر بطاعته ، وإهلاكه إن سلط عليه ، ومن اعتقادكم أنه لا أحد يأتي بعدكم إلا وأنتم أفضل منه ، بل محمد وآله الطيبون أفضل منكم ، الذين أنبأكم آدم بأسمائهم».
٣٦٩ / ٢ ـ ابن بابويه ، قال : حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رضياللهعنه ، قال : حدثنا محمد بن أبي عبدالله الكوفي ، عن محمد بن إسماعيل البرمكي (١) ، عن الحسين (٢) بن سعيد ، عن محمد بن زياد ، عن أيمن بن محرز ، عن الصادق جعفر بن محمد عليهالسلام : «إن الله تبارك وتعالى علم آدم عليهالسلام أسماء حجج الله كلها (٣) ، ثم
__________________
(٢) حريّ : أي خليق وجدير. «الصحاح ـ حرا ـ ٦ : ٢٣١١».
٢ ـ كمال الدّين وتمام النعمة : ١٣.
(١) في المصدر زيادة : عن جعفر بن عبد الله الكوفي ، ولم نجد له ذكرا في المصادر المتوفّرة لدينا.
(٢) في المصدر : الحسن.
(٣) قال ابن بابويه رحمهالله : إنّ الله سبحانه وتعالى إذا علّم آدم الأسماء كلّها ـ على ما قاله المخالفون ـ فلا محالة أنّ أسماء الأئمّة : داخلة في تلك الجملة ، فصار ما قلناه في ذلك بإجماع الأمّة ، ولا يجوز في حكمة الله أن يحرمهم معنى من معاني المثوبة ، ولا أن يبخل بفضل من فضائل الأئمّة لانّهم كلّهم شرع واحد ، دليل ذلك أن الرسل متى آمن مؤمن بواحد منهم ، أو بجماعة وأنكر واحدا منهم ، لم يقبل منه إيمانه ، كذلك القضية في الأئمّة عليهالسلام أوّلهم وآخرهم واحد ، وقد قال الصّادق عليهالسلام : «المنكر لآخرنا كالمنكر لأوّلنا».
وللأسماء معان كثيرة وليس أحد معانيها بأولى من الآخر ، فمعنى الأسماء أنّه سبحانه علّم آدم عليهالسلام أوصاف الأئمّة كلّها أوّلها ـ