عرضهم ـ وهم أرواح ـ على الملائكة ، فقال : أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين بأنكم أحق بالخلافة في الأرض ـ لتسبيحكم وتقديسكم ـ من آدم عليهالسلام : (قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلاَّ ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ).
قال الله تبارك وتعالى : (يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ) وقفوا على عظم منزلتهم عند الله عز ذكره ، فعلموا أنهم أحق بأن يكونوا خلقاء في أرضه ، وحججه على بريته ، ثم غيبهم عن أبصارهم ، واستبعدهم بولايتهم ومحبتهم ، وقال لهم : (أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ).
ثم قال ابن بابويه : وحدثنا بذلك أحمد بن الحسن القطان ، قال : حدثنا الحسن بن علي السكري ، قال : حدثنا محمد بن زكريا الجوهري ، قال : حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة ، عن أبيه ، عن الصادق جعفر بن محمد عليهماالسلام.
٣٧٠ / ٣ ـ العياشي ، قال : قال هشام بن سالم ، قال أبو عبدالله عليهالسلام : «ما علم الملائكة بقولهم : (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ) لو لا أنهم قد كانوا رأوا من يفسد فيها ويسفك الدماء».
٣٧١ / ٤ ـ عن محمد بن مروان ، عن جعفر بن محمد عليهالسلام ، قال : «إني لأطوف بالبيت مع أبي عليهالسلام إذ أقبل رجل طوال جعشم (١) متعمم بعمامة ، فقال : السلام عليك يا ابن رسول الله ، قال : فرد عليه أبي.
فقال : أشياء أردت أن أسألك عنها ، ما بقي أحد يعلمها إلا رجل أو رجلان.
قال : فلما قضى أبي الطواف دخل الحجر (٢) فصلى ركعتين ، ثم قال : ها هنا ـ يا جعفر ـ ثم أقبل على الرجل ، فقال له أبي : كأنك غريب؟
فقال : أجل ، فأخبرني عن هذا الطواف كيف كان؟ ولم كان؟
قال : إن الله لما قال للملائكة : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها) إلى آخر الآية ، كان ذلك من يعصي منهم ، فاحتجب عنهم سبع سنين ، فلاذوا بالعرش يلوذون يقولون : لبيك ذا المعارج لبيك ، حتى تاب عليهم ، فلما أصاب آدم الذنب طاف بالبيت حتى قبل الله منه. قال : فقال : صدقت ، فعجب أبي من قوله : صدقت.
قال : فأخبرني عن (ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ) (٣).
__________________
ـ وآخرها ، ومن أوصافهم العلم والحلم والتقوى والشجاعة والعصمة والسخاء والوفاء ، وقد نطق بمثله كتاب الله عزّ وجلّ : وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا مريم ١٩ : ٤١ ، أنظر كمال الدّين وتمام النعمة : ١٤ ـ ١٨.
٣ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٩ / ٤.
٤ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٢٩ / ٥.
(١) الجعشم : هو المنتفخ الجنبين الغليظهما. «لسان العرب ـ جعشم ـ ١٢ : ١٠٢».
(٢) الحجر : حجر الكعبة ، وهو ما حواه الحطيم بالبيت جانب الشّمال. «الصحاح ـ حجر ـ ٢ : ٦٢٣».
(٣) القلم ٦٨ : ١.