قال : نون نهر في الجنة أشد بياضا من اللبن ، قال : فأمر الله القلم فجرى بما هو كائن وما يكون ، فهو بين يديه موضوع ما شاء منه زاد فيه ، وما شاء نقص منه ، وما شاء كان ، وما لا يشاء لا يكون. قال : صدقت ، فعجب أبي من قوله : صدقت.
قال : فأخبرني عن قوله : (فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ) (٤) ما هذا الحق المعلوم؟
قال : هو الشيء يخرجه الرجل من ماله ليس من الزكاة ، فيكون للنائبة والصلة. قال : صدقت ، قال : فعجب أبي من قوله : صدقت. قال : ثم قام الرجل ، فقال أبي : علي بالرجل ، قال : فطلبته فلم أجده».
٣٧٢ / ٥ ـ عن محمد بن مروان ، قال : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : «كنت مع أبي في الحجر ، فبينا هو قائم يصلي إذ أتاه رجل فجلس إليه ، فلما انصرف سلم عليه ؛ ثم قال : إني أسألك عن ثلاثة أشياء ، لا يعلمها إلا أنت ورجل آخر. قال : ما هي؟
قال : أخبرني أي شيء كان سبب الطواف بهذا البيت؟
فقال : إن الله تبارك وتعالى لما أمر الملائكة أن يسجدوا لآدم ، ردت الملائكة فقالت : (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) فغضب عليهم ، ثم سألوه التوبة فأمرهم أن يطوفوا بالضراح ـ وهو البيت المعمور ـ فمكثوا به يطوفون سبع سنين ، يستغفرون الله مما قالوا ، ثم تاب عليهم من بعد ذلك ورضي عنهم ، فكان هذا أصل الطواف. ثم جعل الله البيت الحرام حذاء الضراح ، توبة لمن أذنب من بني آدم وطهورا لهم ، فقال : صدقت».
ثم ذكر المسألتين نحو الحديث الأول «ثم قال الرجل : صدقت ، فقلت : من هذا الرجل ، يا أبت؟ فقال : يا بني هذا الخضر عليهالسلام».
٣٧٣ / ٦ ـ علي بن الحسين عليهالسلام في قوله : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ) : «ردوا على الله فقالوا : (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها وَيَسْفِكُ الدِّماءَ). وإنما قالوا ذلك بخلق مضى ، يعني الجان أبا الجن (١). (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) فمنوا على الله بعبادتهم إياه فأعرض عنهم.
ثم علم آدم الأسماء كلها ، ثم قال للملائكة (أَنْبِئُونِي بِأَسْماءِ هؤُلاءِ قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا) قال (يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ) فأنباهم ، ثم قال لهم (اسْجُدُوا لِآدَمَ) (٢) فسجدوا ، وقالوا في سجودهم ـ في أنفسهم ـ : ما كنا نظن أن يخلق الله خلقا أكرم عليه منا ، نحن خزان الله وجيرانه ، وأقرب الخلق إليه.
__________________
(٤). ٧٠ : ٢٤.
٥ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٣٠ / ٦.
٦ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٣٠ / ٧.
(١) في المصدر : ١ : ٣٠ / ٧.
(٢) البقرة ٢ : ٣٤.