إلى السماء ، فكان مع الملائكة يعبد الله إلى أن خلق الله تبارك وتعالى آدم».
٣٨٦ / ٥ ـ وعنه ، قال : حدثني أبي ، عن الحسن بن محبوب ، عن عمرو بن أبي المقدام ، عن ثابت الحذاء ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن أمير المؤمنين عليهمالسلام قال : «إن الله تبارك وتعالى أراد أن يخلق خلقا بيده ، وذلك بعد ما مضى من الجن والنسناس (١) في الأرض سبعة آلاف سنة ، وكان من شأنه خلق آدم ، فكشط (٢) عن أطباق السماوات وقال للملائكة : انظروا إلى أهل الأرض من خلقي من الجن والنسناس ، فلما رأوا ما يعملون فيها من المعاصي وسفك الدماء والفساد في الأرض بغير الحق ، عظم ذلك عليهم وغضبوا وتأسفوا على أهل الأرض ولم يملكوا غضبهم.
قالوا : ربنا إنك أنت العزيز القادر الجبار القاهر العظيم الشأن ، وهذا خلقك الضعيف الذليل يتقلبون في قبضتك ويعيشون برزقك ويستمتعون (٣) بعافيتك ، وهم يعصونك بمثل هذه الذنوب العظام ، لا تأسف عليهم ولا تغضب ولا تنتقم لنفسك لما تسمع منهم وترى ، وقد عظم ذلك علينا وأكبرناه (٤) فيك!».
قال : «فلما سمع ذلك من الملائكة ، قال : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) (٥) يكون حجة لي في أرضي على خلقي.
فقالت الملائكة : سبحانك (أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها) (٦) كما فسد بنو الجان ، ويسفكون الدماء كما سفك بنو الجان ، ويتحاسدون ويتباغضون ، فاجعل ذلك الخليفة منا ، فإنا لا نتحاسد ولا نتباغض ولا نسفك الدماء ، ونسبح بحمدك ونقدس لك.
قال جل وعز : (إِنِّي أَعْلَمُ ما لا تَعْلَمُونَ) (٧) إني أريد أن أخلق خلقا بيدي ، وأجعل من ذريته أنبياء ومرسلين وعبادا صالحين وأئمة مهتدين ، وأجعلهم خلفاء على خلقي في أرضي ، ينهونهم عن معصيتي ، وينذرونهم من عذابي ، ويهدونهم إلى طاعتي ، ويسلكون بهم طريق سبيلي ، وأجعلهم لي حجة ، وعليهم عذرا ونذرا ، وأبين النسناس عن أرضي (٨) ، وأطهرها منهم ، وأنقل مردة الجن العصاة عن بريتي وخلقي وخيرتي ، وأسكنهم في الهواء وفي أقطار الأرض ، ولا يجاورون نسل خلقي ، وأجعل بين الجن وبين خلقي حجابا ، فلا يرى نسل خلقي الجن ، ولا يجالسونهم ، ولا يخالطونهم ، فمن عصاني من نسل خلقي الذين اصطفيتهم ، أسكنتهم
__________________
٥ ـ تفسير القمّي ١ : ٣٦.
(١) النسناس : جنس من الخلق يثب أحدهم على رجل واحدة. «الصحاح ـ نسس ـ ٣ : ٩٨٣». قال ابن الأثير في النهاية ـ في حديث أبي هريرة «ذهب النّاس وبقي النسناس» ـ قال : قيل : هم يأجوج ومأجوج ، وقيل : خلق على صورة الناس ، أشبهوهم في شيء ، وخالفوهم في شيء ، وليسوا من بني آدم ، وقيل : هم من بني آدم. «النهاية ـ نسنس ـ ٥ : ٥٠».
(٢) كشطت الغطاء عن الشّيء ، إذا كشفته عنه. «الصحاح ـ كشط ـ ٣ : ١١٥٥».
(٣) في المصدر : ويتمتعون.
(٤) أكبرت الشّيء : استعظمته. «الصحاح ـ كبر ـ ٢ : ٨٠٢».
(٥) البقرة ٢ : ٣٠.
(٦) البقرة ٢ : ٣٠.
(٧) البقرة ٢ : ٣٠.
(٨) أبان الشّيء : فصله وأبعده. «المعجم الوسيط ـ بان ـ ١ : ٨٠» ، وفي المصدر : وأبيد النسناس من أرضي ، أي أهلكم.