الله من لباس الجنة ، وأقبلا يستتران بورق الجنة (وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ) (٦). فقالا كما حكى الله عنهما : (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٧).
فقال الله لهما : (اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ) ـ قال ـ : إلى يوم القيامة».
قال : «فهبط آدم على الصفا ، وإنما سميت الصفا لأن صفوة الله نزل عليها ، ونزلت حواء على المروة ، وإنما سميت المروة لأن المرأة نزلت عليها. فبقي آدم أربعين صباحا ساجدا يبكي على الجنة ، فنزل عليه جبرئيل عليهالسلام ، فقال : يا آدم ، ألم يخلقك الله بيده ، ونفخ فيك من روحه ، وأسجد لك ملائكته؟ قال : بلى. قال : وأمرك الله أن لا تأكل من الشجرة ، فلم عصيته؟! قال : يا جبرئيل ، إن إبليس حلف لي بالله أنه لي ناصح ، وما ظننت أن خلقا يخلقه الله ، يحلف به كاذبا!».
٤٠٣ / ٥ ـ علي بن إبراهيم : وحدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن ابن مسكان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : «إن موسى عليهالسلام سأل ربه أن يجمع بينه وبين آدم (عليه الصلاة والسلام) فجمع ، فقال له موسى : يا أبه ، ألم يخلقك الله بيده ، ونفخ فيك من روحه ، وأسجد لك الملائكة ، وأمرك أن لا تأكل من الشجرة ، فلم عصيته؟! فقال : يا موسى ، بكم وجدت خطيئتي قبل خلقي في التوراة؟ قال : بثلاثين ألف سنة (١) ، قال : هو ذلك».
قال الصادق عليهالسلام : «فحج (٢) آدم موسى عليهماالسلام».
٤٠٤ / ٦ ـ وعن الإمام أبي محمد الحسن العسكري عليهالسلام ، قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لما عرف الله ملائكته فضل خيار أمة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وشيعة علي عليهالسلام وخلفائه عليهمالسلام ، واحتمالهم في جنب محبة ربهم ما لا تحتمله الملائكة ، أبان بني آدم الخيار المتقين بالفضل عليهم.
ثم قال : فلذلك فاسجدوا لآدم لما كان مشتملا على أنوار هذه الخلائق الأفضلين. ولم يكن سجودهم لآدم ، إنما كان آدم قبلة لهم يسجدون نحوه لله عز وجل ، وكان بذلك معظما مبجلا (١) ولا ينبغي لأحد أن يسجد لأحد من دون الله ، يخضع له خضوعه لله ، ويعظمه بالسجود له كتعظيمه لله.
ولو أمرت أحدا أن يسجد هكذا لغير الله ، لأمرت ضعفاء شيعتنا وسائر المكلفين من شيعتنا أن يسجدوا
__________________
(٦) الأعراف ٧ : ٢٢.
(٧) الأعراف ٧ : ٢٣.
٥ ـ تفسير القمّي ١ : ٤٤.
(١) في المصدر زيادة : قبل أن خلق آدم.
(٢) حجّه : غلبه بالحجّة. «الصحاح ـ حجج ـ ١ : ٣٠٤».
٦ ـ التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام ٣٨٥ / ٢٦٥.
(١) في المصدر زيادة : له.