لمن توسط في علوم وصي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومحض وداد (٢) خير خلق الله ، علي بعد محمد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، واحتمل المكاره والبلايا في التصريح بإظهار حقوق الله ، ولم ينكر علي حقا أرقبه (٣) عليه قد كان جهله أو أغفله.
ثم قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : عصى الله إبليس ، فهلك لما كانت معصيته بالكبر على آدم ، وعصى الله آدم بأكل الشجرة ، فسلم ولم يهلك لما لم يقارن بمعصية التكبر على محمد وآله الطيبين. وذلك أن الله تعالى قال له : يا آدم ، عصاني فيك إبليس ، وتكبر عليك فهلك ، ولو تواضع لك بأمري ، وعظم عز جلالي لأفلح كل الفلاح كما أفلحت ، وأنت عصيتني بأكل الشجرة ، وبالتواضع لمحمد وآل محمد تفلح كل الفلاح ، وتزول عنك وصمة (٤) الزلة (٥) ، فادعني بمحمد وآله الطيبين لذلك. فدعا بهم فأفلح كل فلاح ، لما تمسك بعروتنا أهل البيت».
٤٠٥ / ٧ ـ محمد بن يعقوب : عن علي بن محمد القاساني (١) ، عن القاسم بن محمد ، عن سليمان المنقري ، عن عبد الرزاق بن همام ، عن معمر بن راشد ، عن الزهري ـ محمد بن مسلم بن شهاب (٢) ـ قال : سئل علي بن الحسين عليهالسلام أي الأعمال أفضل عند الله عز وجل؟ فقال : «ما من عمل بعد معرفة الله عز وجل ومعرفة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أفضل من بغض الدنيا. وإن لذلك شعبا كثيره ، وللمعاصي شعبا : فأول ما عصي الله به الكبر ، وهو معصية إبليس حين أبى واستكبر ، وكان من الكافرين.
والحرص ، وهو معصية آدم وحواء عليهماالسلام حين قال الله عز وجل لهما : (فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ) (٣) فأخذا ما كان لا حاجة بهما إليه ، فدخل ذلك على ذريتهما إلى يوم القيامة ، وذلك أن أكثر ما يطلب ابن آدم ما لا حاجة به إليه.
ثم الحسد ، وهي معصية ابن آدم حيث حسد أخاه فقتله ، فتشعب من ذلك : حب النساء ، وحب الدنيا ، وحب الرئاسة ، وحب الراحة ، وحب الكلام ، وحب العلو ، والثروة ، فصرن سبع خصال فاجتمعن كلهن في حب الدنيا.
فقال الأنبياء والعلماء ـ بعد معرفة ذلك ـ : حب الدنيا رأس كل خطيئة ، والدنيا دنياءان : دنيا بلاغ (٤) ، ودنيا
__________________
(٢) محضته المودّة : أخلصتها له. «مجمع البحرين ـ محض ـ ٤ : ٢٢٩».
(٣) رقبت الشّيء ، أرقبه ، إذ أرصدته. «الصحاح ـ رقب ـ ١ : ١٣٧» ، والظاهر أنّ المراد هنا : لم ينكر حقّا جعل له ليحققه ويراعيه.
(٤) الوصم : العيب والعار. «الصحاح ـ وصم ـ ٥ : ٢٠٥٢».
(٥) الزلّة : السقطة والخطيئة. «المعجم الوسيط ـ زلل ـ ١ : ٣٩٨» ، وفي المصدر : الذلّة.
٧ ـ الكافي ٢ : ٢٣٩ / ٨.
(١) في المصدر : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، وعليّ بن محمّد جميعا.
(٢) في المصدر : محمّد بن مسلم بن عبيد الله ، وما في المتن نسبة إلى جدّه الأعلى ، راجع رجال الطوسي ٢٩٩ / ٣١٦ وسير أعلام النبلاء ٥ : ٣٢٦.
(٣) الأعراف ٧ : ١٩.
(٤) البلاغ : الانتهاء إلى أقصى الحقيقة ، قال الطريحي رحمهالله في حديث عليّ عليهالسلام : «فإنّها دار بلغة» أي دار عمل يتبلّغ فيه من صالح الأعمال ويتزود ، ولعلّه هو المراد بهذا الحديث. «مجمع البحرين ـ بلغ ـ ٥ : ٧ و ٨».