الصفا فالحق بحواء ، فنزل آدم من الصفا إلى المروة ، ففعل (١٣) ما فعل في الثلاث مرات حتى انتهى إلى المروة فصعد عليها ، وأخبر حواء بما أخبره جبرئيل ، ففرحا بذلك فرحا شديدا ، وحمدا الله وشكراه ، فلذلك جرت السنة بالسعي بين الصفا والمروة ، ولذلك قال الله : (إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما) (١٤).
قال : ثم إن جبرئيل أتاهما فأنزلهما من المروة ، وأخبرهما أن الجبار تبارك وتعالى قد هبط إلى الأرض فرفع قواعد البيت الحرام بحجر من الصفا ، وحجر من المروة ، وحجر من طور سيناء (١٥) وحجر من جبل السلام ، وهو ظهر الكوفة.
فأوحى [الله] إلى جبرئيل أن ابنه وأتمه ، قال : فاقتلع جبرئيل الأحجار الأربعة بأمر الله من مواضعهن بجناحيه ، فوضعها ـ حيث أمره الله ـ في أركان البيت على قواعده التي قدرها الله الجبار ، ونصب أعلامها.
ثم أوحى الله إلى جبرئيل أن ابنه وأتمه بحجارة من أبي قبيس (١٦) ، واجعل له بابين : باب شرقي ، وباب غربي ، قال : فأتمه جبرئيل ، فلما أن فرغ منه طافت الملائكة حوله ، فلما نظر آدم وحواء إلى الملائكة يطوفون حول البيت انطلقا فطافا بالبيت سبعة أشواط ، ثم خرجا يطلبان ما يأكلان ، وذلك من يومهما الذي هبط بهما فيه».
٤١٤ / ١٦ ـ عن جابر الجعفي ، عن جعفر بن محمد ، عن آبائه عليهمالسلام ، قال : «إن الله اختار من الأرض جميعا مكة ، واختار من مكة بكة (١) ، فأنزل في بكة سرادقا (٢) من نور محفوفا بالدر والياقوت ، ثم أنزل في وسط السرادق عمدا أربعة ، وجعل بين العمد الأربعة لؤلؤة بيضاء ، وكان طولها سبعة أذرع في ترابيع البيت ، وجعل فيها نورا من نور السرادق بمنزلة القناديل (٣) ، وكانت العمد (٤) أصلها في الثرى والرؤوس تحت العرش.
وكان الربع الأول من زمرد أخضر ، والربع الثاني من ياقوت أحمر ، والربع الثالث من لؤلؤ أبيض ، والربع الرابع من نور ساطع ، وكان البيت ينزل فيما بينهم مرتفعا من الأرض ، وكان نور القناديل يبلغ إلى موضع الحرم ، وكان أكبر القناديل مقام إبراهيم ، فكانت القناديل ثلاثمائة وستين قنديلا. فالركن الأسود باب الرحمة ، إلى الركن الشامي فهو
__________________
(١٣) في المصدر زيادة : مثل.
(١٤) البقرة ٢ : ١٥٨.
(١٥) طور سيناء : وهو اسم جبل بقرب أيلة ، وعنده بليد فتح في زمن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وما أظنّه إلاّ كورة بمصر ، وقال الجوهري : طور سيناء جبل بالشّام. «معجم البلدان ٤ : ٤٨».
(١٦) أبو قبيس : وهو اسم الجبل المشرف على مكّة. «معجم البلدان ١ : ٨٠».
١٦ ـ تفسير العيّاشي ١ : ٣٩ / ٢٢.
(١) بكّة : هي مكّة ، بيت الله الحرام ، وقيل : بطن مكّة ، وقيل : موضع البيت المسجد الحرام ومكّة وما وراءه ، وقيل : البيت مكّة وما والاه بكّة.
«معجم البلدان ١ : ٤٧٥».
(٢) السّرادق : كل ما أحاط بشيء من حائط أو مضرب أو خباء ، وقيل : ما يمدّ فوق البيت. «مجمع البحرين ـ سردق ـ ٥ : ١٨٦».
(٣) القنديل : مصباح كالكوب في وسطه فتيل ، يملأ بالماء والزيت ويشعل. «المعجم الوسيط ـ قندل ـ ٢ : ٧٦٢».
(٤) «س» : وكانت له أعمد.