يُسْئَلُونَ) (٣)».
ولقول الله تبارك وتعالى (٤) : (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَ) وجه آخر ، وما ذكرناه أصله.
والابتلاء على ضربين : أحدهما مستحيل (٥) على الله تعالى ذكره ، والآخر جائز.
فأما ما يستحيل : فهو أن يختبره ليعلم ما تكشف الأيام عنه ، وهذا ما لا يصلح (٦) لأنه عز وجل علام الغيوب.
والضرب الآخر من الابتلاء : أن يبتليه حتى يصبر فيما يبتليه به ، فيكون ما يعطيه من العطاء على سبيل الاستحقاق ، ولينظر إليه الناظر فيقتدي به ، فيعلم من حكمة الله تعالى أنه لم يكمل (٧) أسباب الإمامة إلا إلى الكافي المستقل ، الذي كشفت الأيام عنه بخير (٨).
فأما الكلمات ، فمنها ما ذكرناه ، ومنها : اليقين ، وذلك قول الله عز وجل : (وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ) (٩).
ومنها : المعرفة بقدم بارئه ، وتوحيده وتنزيهه من التشبيه : حين نظر إلى الكواكب والقمر والشمس ، واستدل بأفول كل واحد منها على حدوثه ، وبحدوثه على محدثه.
ثم علمه عليهالسلام بأن الحكم بالنجوم خطأ : في قوله عز وجل : (فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ) (١٠) وإنما قيده الله سبحانه بالنظرة الواحدة ، لأن النظرة الواحدة لا توجب الخطأ إلا بعد النظرة الثانية ، بدلالة قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لما قال لأمير المؤمنين عليهالسلام : «يا علي أول النظرة لك ، والثانية عليك لا لك».
ومنها : الشجاعة : وقد كشفت الأيام عنه ، بدلالة قوله عز وجل : (إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ * قالُوا وَجَدْنا آباءَنا لَها عابِدِينَ * قالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ * قالُوا أَجِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللاَّعِبِينَ * قالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلى ذلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ * وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ * فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً إِلاَّ كَبِيراً لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ) (١١) ومقاومة الرجل الواحد الوفا من أعداء الله عز وجل تمام الشجاعة.
__________________
(٣) سورة الأنبياء ٢١ : ٢٣.
(٤) الظاهر أنّ هذا الكلام وما بعده للصدوق ١ ، وليس للإمام ٧
(٥) في المصدر : يستحيل.
(٦) في المصدر : يصحّ.
(٧) في المصدر : لم يكل.
(٨) في المصدر : بخبره.
(٩) الأنعام ٦ : ٧٥.
(١٠) الصّافّات ٣٧ : ٨٨ و ٨٩.
(١١) الأنبياء ٢١ : ٥٢ ـ ٥٨.