وإن أهل الشام يختلفون عند ذلك على ثلاث رايات : الأصهب (٣) ، والأبقع (٤) ، والسفياني ، مع بني ذنب الحمار مضر ، ومع السفياني أخواله من كلب ، فيظهر السفياني ومن معه على بني ذنب الحمار حتى يقتلوا قتلا لم يقتله شيء قط. ويحضر رجل بدمشق ، فيقتل هو ومن معه قتلا لم يقتله شيء قط ، وهو من بني ذنب الحمار ، وهي الآية التي يقول الله تبارك وتعالى : (فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (٥).
ويظهر السفياني ومن معه حتى لا يكون له همة إلا آل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وشيعتهم ، فيبعث ـ والله ـ بعثا إلى الكوفة ، فيصاب بأناس من شيعة آل محمد بالكوفة قتلا وصلبا ، وتقبل راية من خراسان حتى تنزل ساحل الدجلة ، يخرج رجل من الموالي ضعيف ومن تبعه فيصاب بظهر الكوفة ، ويبعث بعثا إلى المدينة فيقتل بها رجلا ، ويهرب المهدي والمنصور منها ، ويؤخذ آل محمد صغيرهم وكبيرهم ، لا يترك منهم أحد إلا حبس ، ويخرج الجيش في طلب الرجلين.
ويخرج المهدي عليهالسلام منها على سنة موسى عليهالسلام خائفا يترقب حتى يقدم مكة ، ويقبل الجيش حتى إذا نزلوا البيداء (٦) ـ وهو جيش الهلاك (٧) ـ خسف بهم ، فلا يفلت منهم إلا مخبر ، فيقوم القائم بين الركن والمقام فيصلي وينصرف ، ومعه وزيره ، فيقول : يا أيها الناس ، إنا نستنصر الله على من ظلمنا وسلب حقنا ، من يحاجنا في الله فإنا أولى بالله ، ومن يحاجنا في آدم عليهالسلام فإنا أولى الناس بآدم عليهالسلام ، ومن حاجنا في نوح عليهالسلام فإنا أولى الناس بنوح عليهالسلام ، ومن حاجنا في إبراهيم عليهالسلام فإنا أولى الناس بإبراهيم عليهالسلام ، ومن حاجنا في محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم فإنا أولى الناس بمحمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومن حاجنا في النبيين فنحن أولى الناس بالنبيين ، ومن حاجنا في كتاب الله فنحن أولى الناس بكتاب الله. إنا نشهد وكل مسلم اليوم أنا قد ظلمنا ، وطردنا ، وبغي علينا ، وأخرجنا من ديارنا وأموالنا وأهلينا ، وقهرنا ، ألا إنا نستنصر الله اليوم وكل مسلم.
ويجيء ـ والله ـ ثلاث مائة وبضعة عشر رجلا ، فيهم خمسون امرأة ، يجتمعون بمكة على غير ميعاد ، قزعا كقزع الخريف ، يتبع بعضهم بعضا ، وهي الآية التي قال الله : (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) فيقول رجل من آل محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم : اخرج منها ، فهي القرية الظالم أهلها.
ثم يخرج من مكة هو ومن معه الثلاث مائة وبضعة عشر يبايعونه بين الركن والمقام ، ومعه عهد نبي الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ورايته ، وسلاحه ، ووزيره معه ، فينادي المنادي بمكة باسمه وأمره من السماء ، حتى يسمعه أهل
__________________
البلدان ٣ : ٦٩».
(٣) الصهبة : الشّقرة في شعر الرأس. «الصحاح ـ صهب ـ ١ : ١٦٦».
(٤) الأبقع : الذي يخالط لونّه لون آخر.
(٥) مريم ١٩ : ٣٧.
(٦) البيداء : اسم لأرض ملساء بين مكّة والمدينة ، «معجم البلدان ١ : ٥٢٣».
(٧) في المصدر : الهملات.