في بني قيس ، وعرفة الدوسي في الدوسيين ، ولا حق به علاقة ، فتخللوا الصفوف ، وتصفحوا الوجوه ، وأخذوا بيد (١٠) الأصلع البطين ، وقالوا : إلى هذا أهوت أفئدتنا يا رسول الله.
فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أنتم نخبة الله حين عرفتم وصي رسول الله قبل أن تعرفوه ، فبم عرفتم أنه هو»؟
فرفعوا أصواتهم يبكون ، وقالوا : يا رسول الله ، نظرنا إلى القوم فلم تحن لهم [قلوبنا] ، ولما رأيناه رجفت قلوبنا ثم اطمأنت نفوسنا ، فانجاشت (١١) أكبادنا ، وهملت أعيننا ، وتبلجت (١٢) صدورنا حتى كأنه لنا أب ونحن عنده بنون.
فقال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «(وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) (١٣) أنتم منه (١٤) بالمنزلة التي سبقت لكم بها الحسنى ، وأنتم عن النار مبعدون».
قال : فبقي هؤلاء القوم المسمون حتى شهدوا مع أمير المؤمنين الجمل وصفين فقتلوا بصفين رحمهمالله ، وكان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بشرهم بالجنة وأخبرهم أنهم يستشهدون مع علي بن أبي طالب عليهالسلام.
١٨٦٣ / ٣ ـ عنه ، قال : أخبرنا محمد بن همام بن سهيل ، قال : حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد الحسني ، قال : حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق الحميري (١) ، قال : حدثنا محمد بن زيد بن عبد الرحمن التميمي ، عن الحسن بن الحسين الأنصاري ، عن محمد بن الحسين ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال علي بن الحسين عليهالسلام : «كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ذات يوم جالسا ومعه أصحابه في المسجد ، فقال : يطلع عليكم من هذا الباب رجل من أهل الجنة يسأل عما يعنيه ، فطلع عليه رجل ، طوال شبيه برجال مضر ، فتقدم فسلم على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وجلس ، فقال : يا رسول الله ، إني سمعت الله عز وجل يقول فيما أنزل : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) فما هذا الحبل الذي أمرنا الله بالاعتصام به وألا نتفرق عنه؟ فأطرق رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مليا ثم رفع رأسه وأشار بيده إلى علي بن أبي طالب عليهالسلام ، وقال : هذا حبل الله الذي من تمسك به عصم به في دنياه ، ولم يضل به في آخرته. فوثب الرجل إلى علي عليهالسلام فاحتضنه من وراء ظهره وهو يقول : اعتصمت بحبل الله وحبل رسوله ، ثم قام فولى فخرج.
فقام رجل من الناس فقال : يا رسول الله ، ألحقه فأسأله أن يستغفر الله لي؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إذن تجده موفقا. قال : فلحقه الرجل فسأله أن يستغفر الله له ، فقال له : أفهمت ما قال لي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وما قلت له؟ قال : نعم. قال : فإن كنت متمسكا بذلك الحبل يغفر الله لك ، وإلا فلا يغفر الله لك».
__________________
(١٠) في المصدر زيادة : الأنزع.
(١١) الجأش : الاضطراب عند الفزع. «مجمع البحرين ـ جوش ـ ٤ : ١٣٢».
(١٢) في المصدر : وانثلجت.
(١٣) آل عمران ٣ : ٧.
(١٤) في المصدر : أنتم منهم.
٣ ـ الغيبة : ٤١ / ٢.
(١) الظاهر أنّ الصحيح في نسبته : الأحمري ، كما في رجال النجاشي : ١٩ ، وفهرست الطوسي : ٧ ، وعدّا من كتبه كتابا في الغيبة.