يُحِبُّ الظَّالِمِينَ [١٤٠]
١٩٢٥ / ١ ـ علي بن إبراهيم ، قال : وتآمرت قريش على أن يرجعوا ويغيروا (١) على المدينة ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أي رجل يأتينا بخبر القوم» فلم يجبه أحد ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : «أنا آتيك بخبرهم» قال : «اذهب ، فإن كانوا ركبوا الخيل وجنبوا الإبل فإنهم يريدون المدينة ، والله لئن أرادوا المدينة لأنازلن (٢) الله فيهم ، وإن كانوا ركبوا الإبل وجنبوا الخيل فإنهم يريدون مكة».
فمضى أمير المؤمنين عليهالسلام على ما به من الألم والجراحات حتى كان قريبا من القوم ، فرآهم قد ركبوا الإبل وجنبوا الخيل ، فرجع أمير المؤمنين عليهالسلام إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأخبره ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أرادوا مكة».
فلما دخل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم المدينة نزل عليه جبرئيل عليهالسلام ، فقال : يا محمد ، إن الله يأمرك أن تخرج في أثر القوم ولا يخرج معك إلا من كانت به جراحة. فأمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مناديا ينادي : يا معشر المهاجرين والأنصار ، من كانت به جراحة فليخرج ، ومن لم يكن به جراحة فليقم. فأقبلوا يضمدون جراحاتهم ويداوونها ، فأنزل الله على نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم : (وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ ما لا يَرْجُونَ) (٣) وهذه الآية في سورة النساء ، ويجب أن تكون في هذه السورة.
قال الله عز وجل : (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ) فخرجوا على ما بهم من الألم والجراح ، فلما بلغ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بحمراء الأسد (٤) ، وقريش قد نزلت الروحاء ، قال عكرمة بن أبي جهل ، والحارث بن هشام ، وعمرو بن العاص ، وخالد بن الوليد : نرجع فنغير على المدينة ، فقد قتلنا سراتهم (٥) وكبشهم (٦) ـ يعنون حمزة ـ فوافاهم رجل خرج من المدينة فسألوه الخبر ، فقال : تركت محمدا وأصحابه بحمراء الأسد يطلبونكم أجد الطلب. فقال أبو سفيان : هكذا النكد والبغي ، قد ظفرنا بالقوم وبغينا ، والله ما أفلح قوم قط بغوا.
فوافاهم نعيم بن مسعود الأشجعي ، فقال أبو سفيان : أين تريد؟ قال : المدينة ، لأمتار (٧) لأهلي طعاما. قال :
__________________
سورة آل عمران آية ـ ١٤٠ ـ
١ ـ تفسير القمّي ١ : ١٢٤.
(١) (ويغيروا) ليس في المصدر.
(٢) في المصدر : لا يأذن.
(٣) النّساء ٤ : ١٠٤.
(٤) حمراء الأسد : موضع على ثمانية أميال من المدينة. «معجم البلدان ٢ : ٣٠١».
(٥) أي أشرافهم. «النهاية ٢ : ٣٦٣».
(٦) الكبش : سيّد القوم وقائدهم. «تاج العروس ـ كبش ـ ٤ : ٣٤١».
(٧) الميرة : الطعام. «تاج العروس ـ مير ـ ٣ : ٥٥٢».