أنزل الله تعالى : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) (١٨) فنسخت (مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ).
ومثله : أن المرأة كانت في الجاهلية إذا زنت (١٩) تحبس في بيتها حتى تموت ، والرجل يؤذى ، فأنزل الله في ذلك : (وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً (٢٠) * وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إِنَّ اللهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً) (٢١) فلما قوي الإسلام ، أنزل الله : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ) (٢٢) فنسخت تلك. ومثله كثير نذكره في مواضعه ، إن شاء الله تعالى.
وأما المحكم ، فمثل قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ) (٢٣) ومنه : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ) (٢٤) ، وقوله : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ) (٢٥) إلى آخر الآية ، فهذا كله محكم قد استغني بتنزيله عن تأويله ، ومثله كثير.
وأما المتشابه ، فما ذكرنا مما لفظه واحد ومعناه مختلف ، فمنه الفتنة التي ذكرها الله تعالى في القرآن : فمنها عذاب وهو قوله : (يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ) (٢٦) أي يعذبون ، ومنها الكفر وهو قوله : (وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ) (٢٧) أي الكفر ، ومنها الحب وهو قوله : (أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) (٢٨) يعني به الحب ، ومنها الاختبار وهو قوله : (الم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) (٢٩) أي لا يختبرون ، ومثله كثير نذكره في مواضعه ، ومنه الحق وهو على وجوه كثيرة ، ومنه الضلال وهو على وجوه كثيرة ، فهذا من المتشابه الذي لفظه واحد ومعناه مختلف.
وأما ما لفظه عام ومعناه خاص ، فمثل قوله تعالى : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ
__________________
(١٨) البقرة ٢ : ٢٣٤.
(١٩) في «ط» زيادة : كانت.
(٢٠) في المصدر زيادة : وفي الرجل.
(٢١) النساء ٤ : ١٥ و ١٦.
(٢٢) النور ٢٤ : ٢.
(٢٣) المائدة ٥ : ٦.
(٢٤) المائدة ٥ : ٣.
(٢٥) النساء ٤ : ٢٣.
(٢٦) الذاريات ٥١ : ١٣.
(٢٧) البقرة ٢ : ٢١٧.
(٢٨) الأنفال ٨ : ٢٨.
(٢٩) العنكبوت ٢٩ : ١ و ٢.