وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ)؟
ومثله أنه قرئ على أبي عبد الله عليهالسلام : (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً) (٥٢) فقال أبو عبدالله عليهالسلام : «لقد سألوا الله عظيما أن يجعلهم للمتقين إماما» فقيل له : يا ابن رسول الله ، كيف نزلت هذه الآية؟ فقال : «إنما نزلت : الذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعل لنا من المتقين إماما».
وقوله : (لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ) (٥٣) فقال أبو عبدالله عليهالسلام : «كيف يحفظه الشيء من أمر الله ، وكيف يكون المعقب من بين يديه؟!» فقيل له : وكيف يكون ذلك ، يا ابن رسول الله؟ فقال : «إنما نزلت : له معقبات من خلفه ورقيب من بين يديه يحفظونه بأمر الله» ومثله كثير.
وأما ما هو محرف منه فهو قوله : (لكِنِ اللهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ ـ في علي ـ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ) (٥٤).
وقوله : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ـ في علي ـ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) (٥٥) وقوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا ـ آل محمد حقهم ـ لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ) (٥٦) وقوله : (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا ـ آل محمد حقهم ـ أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) (٥٧) وقوله : «ولو ترى الذين ظلموا» ـ آل محمد حقهم ـ (فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ) (٥٨) ومثله كثير نذكره في مواضعه (٥٩).
__________________
(٥٢) الفرقان ٢٥ : ٧٤.
(٥٣) الرّعد ١٣ : ١١.
(٥٤) النّساء ٤ : ١٦٦.
(٥٥) المائدة ٥ : ٦٧.
(٥٦) النّساء ٤ : ١٦٨.
(٥٧) الشّعراء ٢٦ : ٢٢٧.
(٥٨) الآية في القرآن المجيد هكذا : (وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ). الأنعام ٦ : ٩٣.
(٥٩) هذا تبنّي على أن يكون مراد القمّي من «ما هو محرّف منه» هو الحذف والاسقاط للفظ ، وأمّا إذا كان مراده ما ذكره الفيض نفسه من «أن مرادهم بالتحريف والتغيير والحذف إنّما هو من حيث المعنى دون اللفظ أي حرّفوه وغيّروه في تفسيره وتأويله ، أي حملوه على خلاف ما هو عليه في نفس الأمر» فلا وجه لنسبة القول بالتحريف ـ بمعنى النقصان ـ إلى القمّي بعد عدم وجود تصريح منه بالاعتقاد بمضامين الأخبار الواردة في تفسيره ، والقول بما دلّت عليه ظواهرها ، بل يحتمل إرادته المعنى الذي ذكره الفيض كما يدلّ عليه ما جاء في رسالة الإمام إلى سعد الخير فيما رواه الكليني.
مضافا إلى أن القمّي نفسه روى في تفسيره ٢ : ٤٥١ ، باسناده عن مولانا الصّادق عليهالسلام قال : «إن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال لعليّ عليهالسلام : القرآن خلف فراشي في الصّحف والحرير والقراطيس ، فخذوه واجمعوه ولا تضيّعوه كما ضيّف اليهود التوراة». ويؤكّد هذا الاحتمال كلام الشيخ الصّدوق ، ودعوى الإجماع من بعض الأكابر على القول بعدم التحريف. أنظر : اعتقادات الصّدوق : ٩٣ ، أوائل المقالات : ٥٥ : التبيان ١ : ٣.