وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ) (٨٣) ومثله كثير مما تأويله في تنزيله ، وهو من المحكم الذي ذكرناه.
وأما ما تأويله مع تنزيله ، فمثل قوله : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) (٨٤) فلم يستغن الناس بتنزيل الآية حتى فسر لهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أولي (٨٥) الأمر ، وقوله : (اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) (٨٦) فلم يستغن الناس الذين سمعوا هذا من النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بتنزيل الآية حتى أخبرهم النبي (عليه وعلى آله الصلاة والسلام) من الصادقون ، وقوله : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ) (٨٧) فلم يستغن الناس بهذا حتى أخبرهم النبي (عليه وعلى آله الصلاة والسلام) كم يصلون ، وكم يصومون ، وكم يزكون.
وأما ما تأويله قبل تنزيله ، فالأمور التي حدثت في عصر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، مما لم يكن عند النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيها حكم ، مثل : آية الظهار ، فإن العرب في الجاهلية كانوا إذا ظاهر الرجل من امرأته حرمت عليه إلى الأبد ، فلما هاجر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى المدينة ظاهر رجل من امرأته ، يقال له : أوس بن الصامت ؛ فجاءت امرأته إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأخبرته بذلك ، فانتظر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الحكم عن الله ، فأنزل الله تبارك وتعالى : (الَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسائِهِمْ ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ إِنْ أُمَّهاتُهُمْ إِلاَّ اللاَّئِي وَلَدْنَهُمْ) (٨٨) ومثله ما نزل في اللعان وغيره مما لم يكن عند النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيه حكم حتى نزل عليه القرآن به ، عن الله عز وجل ، فكان التأويل قد تقدم التنزيل.
وأما ما تأويله بعد تنزيله ، فالأمور التي حدثت في عصر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وبعده من غصب آل محمد (عليه وعليهم الصلاة والسلام) حقهم ، وما وعدهم الله من النصر على أعدائهم ، وما أخبر الله به نبيه (عليه وعلى آله الصلاة والسلام) من أخبار القائم عليهالسلام وخروجه ، وأخبار الرجعة ، والساعة ، في قوله : (وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ). (٨٩) وقوله : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) (٩٠) نزلت في القائم من آل محمد (عليه الصلاة والسلام).
وقوله : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ
__________________
(٨٣) المائدة ٥ : ٣.
(٨٤) النساء ٤ : ٥٩.
(٨٥) في المصدر : من أولو.
(٨٦) التوبة ٩ : ١١٩.
(٨٧) البقرة ٢ : ٤٣.
(٨٨) المجادلة ٥٨ : ٢.
(٨٩) الأنبياء ٢١ : ١٠٥.
(٩٠) النور ٢٤ : ٥٥.