داخلها من ضيائها ، وفيها بنيان (١٣٥) من در وزبرجد ، فقلت : يا جبرئيل لمن هذا القصر؟ فقال : هذا لمن أطاب الكلام ، وأدام الصيام ، وأطعم الطعام ، وتهجد بالليل والناس نيام.
فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : يا رسول الله ، وفي أمتك من يطيق هذا؟
فقال : ادن مني يا علي ، فدنا منه ، فقال : أتدري ما إطابة الكلام؟ فقال : الله ورسوله أعلم. قال : من قال : (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر).
ثم قال : أتدري ما إدامة الصيام؟ قال : الله ورسوله أعلم. قال : من صام شهر رمضان ولم يفطر منه يوما.
وتدري ما إطعام الطعام؟ قال : الله ورسوله أعلم. قال : من طلب لعياله ما يكف به وجوههم عن الناس.
وتدري ما التهجد بالليل والناس نيام؟ قال : الله ورسوله أعلم. قال : من لم ينم حتى يصلي العشاء الآخرة ، ويعني بالناس نيام : اليهود والنصارى ، فإنهم ينامون فيما بينهما».
وبهذا الإسناد قال : «قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : لما أسري بي إلى السماء ، دخلت الجنة ، فرأيت فيها قيعانا (١٣٦) يققا ، (١٣٧) ورأيت فيها الملائكة يبنون لبنة من ذهب ولبنة من فضة ، وربما أمسكوا. فقلت لهم : ما لكم ربما بنيتم ، وربما أمسكتم؟ فقالوا : حتى تأتينا النفقة. فقلت : ما نفقتكم. قالوا : قول المؤمن في الدنيا : (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر). فإذا قال بنينا ، وإذا أمسك أمسكنا».
وقال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لما أسرى بي ربي إلى سبع سماواته ، أخذ بيدي جبرئيل ، فأدخلني الجنة ، فأجلسني على درنوك من درانيك (١٣٨) الجنة ، فناولني سفرجلة ، فانفلقت نصفين ، فخرجت من بينهما حوراء ، فقامت بين يدي ، فقالت : السلام عليك يا محمد ، السلام عليك يا أحمد ، السلام عليك يا رسول الله.
فقلت : وعليك السلام ، من أنت؟
فقالت : أنا الراضية المرضية ، خلقني الله الجبار من ثلاثة أنواع : أسفلي من المسك ، ووسطي من العنبر ، وأعلاي من الكافور ، وعجنت بماء الحيوان ، ثم قال جل ذكره لي : كوني ، فكنت لأخيك وابن عمك ووصيك علي ابن أبي طالب».
قال : وقال أبو عبدالله عليهالسلام : «كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يكثر من تقبيل فاطمة عليهاالسلام ، فغضبت من ذلك عائشة ، فقالت : يا رسول الله ، إنك تكثر تقبيل فاطمة! فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا عائشة ، إني لما أسري بي إلى السماء ، ودخلت الجنة ، فأدناني جبرئيل عليهالسلام من شجرة طوبى ، ناولني من ثمارها فأكلته ، فلما هبطت إلى الأرض جعل (١٣٩) الله ذلك ماء في
__________________
(١٣٥) في المصدر : بيتان.
(١٣٦) القيعان : جمع قاع ، والقاع : المستوي من الأرض. «الصحاح ـ قوع ـ ٣ : ١٢٧٤».
(١٣٧) أبيض يقق : أي شديد البياض ناصعه. «الصحاح ـ يقق ـ ٤ : ١٥٧١».
(١٣٨) الدرنوك : ضرب من البسط ذو خمل. «الصحاح ـ درن ـ ٤ : ١٥٨٣».
(١٣٩) في هامش «س» : فحوّل. وفي «ط» والمصدر : حوّل.