ودعوى : أنّ المتبادر من الروايات إنّما هو إرادة ما ينفقه في مقاصده العقلائية على النهج المتعارف لا على سبيل الإسراف قابلة للمنع ، إلّا أنّه ربما يظهر من كلماتهم دعوى الإجماع عليه.
وكيف كان ، فقد حكي (١) عن غير واحد كالعلّامة والشهيدين والمحقّق الثاني : التصريح بأنّه لو قتر حسب له.
بل عن المناهل أنّه استظهر عدم الخلاف فيه (٢).
فكأنّ محط نظرهم أنّ مفاد النصوص والفتاوى إنّما هو تعلّق الخمس بما عدا مقدار المئونة ، فمقدار المئونة مستثنى عمّا يتعلّق به الخمس سواء أنفقه أم لا.
وهو لا يخلو عن نظر ؛ لما أشرنا إليه من أنّ المتبادر من الأخبار إنّما هو استثناء ما ينفقه بالفعل كمئونة المعدن ونحوها ، لا استثناء مقدارها ، فلو تبرّع متبرّع بنفقته فالظاهر أنّه لا يحسب له ما يقابله من الربح ، فضلا عمّا لو قتر فيه ، كما صرّح به غير واحد من مشايخنا ـ رضوان الله عليهم.
بل لا يبعد أن يقال : إنّه لو قصّر في أداء بعض التكاليف المتوقّفة على صرف المال ـ كالحجّ ونحوه في عام استطاعته ـ فزاد ربحه عن مئونته ، وجب عليه الخمس في ما زاد. وان لم يكن يزيد عنه شيء على تقدير الحجّ وكون الحجّ واجبا عليه في هذه السنة ، أو كون تداركه في ما يستقبل واجبا عليه ، لا يوجب أن يعدّ عرفا ما يجب صرفه فيه من مئونة هذه السنة ، كي يستثنى من ربحها ، بل في كلّ سنة يصدر منه فعل
__________________
(١) الحاكي هو الشيخ الأنصاري في كتاب الخمس : ٥٣٣ ، وراجع : تذكرة الفقهاء ٥ : ٤٢٠ ـ ٤٢١ و ١ : ٢٥٨ ، والبيان : ٢١٩ ، والدروس والروضة البهية ٢ : ٧٦.
(٢) الحاكي هو الشيخ الأنصاري في كتاب الخمس : ٥٣٣ ، وراجع : تذكرة الفقهاء ٥ : ٤٢٠ ـ ٤٢١ و ١ : ٢٥٨ ، والبيان : ٢١٩ ، والدروس والروضة البهية ٢ : ٧٦.