أمّا صورة العلم بكونه أقلّ : فلظهور التعليل الوارد في الأخبار بـ «إنّ الله رضي من الأشياء بالخمس» في إرادته في غير هذه الصورة ؛ لأنّ سوقه يشهد بوروده في مقام بيان التوسعة والتخفيف ، فلا يناسبه الإلزام بالأكثر.
اللهمّ إلّا أن يحمل الخمس على التعبّد المحض من غير أن يكون مربوطا بقدر الحرام ، ومنزّلا إيصاله إلى صاحبه ؛ كي ينافيه العلم بكونه أقلّ.
ولكنّك عرفت أنّ الالتزام بكونه كذلك في غاية الإشكال ، مع مخالفته لظاهر المشهور أو المجمع عليه ، فما استقربه في المناهل ـ على ما حكي (١) عنه من وجوب الخمس في هذه الصورة ؛ لإطلاق الأخبار والفتاوي ـ ضعيف.
ويستكشف من عدم شمول النصوص والفتاوى لهذه الصورة : أنّ صورة العلم بكون الحرام أكثر من الخمس أيضا كصورة العلم بأنّه أقلّ غير مقصودة بالروايات ؛ إذ التفكيك بين الصورتين في إرادتهما من الروايات لا يخلو عن بعد ، بل المقصود بها بحسب الظاهر هو صورة الجهل الذي يناسبه التحديد بالخمس شرعا ، أي ما كان حرامه مردّدا بين الأقلّ من الخمس والأكثر ، كما لعلّه الغالب في موارد النصوص ، دون ما إذا علم بأنّه أقلّ أو أكثر.
هذا ، مع ما في إرادة صورة العلم بكونه أكثر كصورة العلم بكونه أقلّ من البعد حيث إنّ مقتضاها تحليل مال الغير مجّانا ، وهو كإلزامه بدفع الأكثر في صورة العلم بكونه أقلّ بعيد ، فلا يكاد ينسبق إلى الذهن
__________________
(١) حكاه الشيخ الأنصاري في كتاب الخمس : ٥٤١.